الثلاثاء، 10 فبراير 2009

آهٍ يا دكتور الشكعة... لو قالها غيرك!!

آهٍ يا دكتور الشكعة... لو قالها غيرك!!
وصفي عاشور أبو زيد
Wasfy75@yahoo.com
ساءني سوءا بالغا ما جاء على لسان العلامة الأستاذ الدكتور مصطفى الشكعة تعقيبا على مصافحة شيخ الأزهر لبيريز في مؤتمر حوار الأديان قائلا: "إن شيخ الأزهر فعل الصواب بعينه، ولم يرتكب إثمًا أو جريمة مخلة بقدره كعالم، وهذا ليس تأييدًا للشيخ بقدر ما هو توضيح لرؤية الإسلام في مثل هذه القضية". وجاء هذا ردَّا على دعوى رفعت تطالب بعزل شيخ الأزهر لإساءته للأزهر وللأمة.
وخطَّأ د. الشكعة ـ في خبر نشره موقع قناة العربية بتاريخ 18/12/1429هـ ـــ 16/12/2008م بعنوان: "أعضاء بمجمع البحوث الإسلامية يؤيدون مصافحة شيخ الأزهر لبيريز"ـ منتقدي شيخ الأزهر؛ لأن الشيخ فعل ما يأمره به الدين الإسلامي؛ مستدلا ـ ويا لعجب الاستدلال!! ـ بقول الله تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}.
ثم يقول الشكعة مبينا وجه الدلالة من الآية بكل براعة ودقة في التحليل والاستدلال!!: "حيث لم تحدد الآية نوع أو هوية من يحيينا سواء كان يهوديًّا أم مسيحيًّا".
وأكد د. مصطفى الشكعة " أن الشيخ لو لم يصافح الرئيس الإسرائيلي وهو في هذا المحفل الدولي في الأمم المتحدة لكان مخطئًا وليس العكس، ولتعرض الأزهر بما يمثل من وسطية لهجوم غربي واتهمنا اتهامات باطلة".
وأضاف الشكعة "هذه هي الرؤية الإسلامية الأوسع، أما إذا نظرنا إلى الرؤية السياسية الضيقة فإن بيننا وبين اليهود معاهدة، والرسول كان يستضيف اليهود في منزله خلال هذه المعاهدة، وحينما مرت به وأصحابه جنازة نهض قائمًا احترامًا للمتوفى، وقال له الصحابة إن المتوفى كان يهوديًّا، فرد عليهم الرسول ((أو ليست نفسًا))، فالإسلام دين سماحة وسلام. وأكد الشكعة "ما صنعه شيخ الأزهر أنقذ المسلمين من تهمة كبيرة كانت ستستغل ضد الإسلام ووسطيته".
وقد ازداد ضيقي وحزني لصدور هذا الكلام عن رجل في وزن الشكعة، الأستاذ الأكاديمي المخضرم ـ مواليد 1917 بمحافظة الغربية بمصر ـ والأديب والناقد والمفكر الإسلامي، الذي حصل على العديد من النياشين والأوسمة والجوائز، وله من المؤلفات ما لا يحصى في الأدب والنقد والفكر والدعوة.
وأقول لفضيلته: أي وسطية تلك التي تمثلت في هذا الموقف، وأي سماحة وسلام هنا يقرها الإسلام!! أليس هذا كلاما يُخرج الحليم عن حلمه، والعاقل عن عقله، وينقل الحكيم إلى الحيرة والعجب بل التهور والغضب ؟!
هل صافح النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحرارةٍ مَن كان يناصبه العداء، ويحاربه في أرضه، ويقتل إخوانه، ويهتك أعراض نساء المسلمين، ويجرف أراضيهم، ويحاصرهم، ويمنع عنهم القوت والماء، وهل عقد معهم هدنة ومعاهدة ثم حافظ هو عليها وهم يمارسون كل ما يمكن أن يمارس من تقتيل وتشريد وتجويع؟؟
ما هذا الاستخذاء والتسطيح والتشويه لمعاني الإسلام ومبادئه؟؟ ما هذا الفهم الأعرج والاستدلال الأحول الذي يرى آية واحدة ويحرفها ثم يغمض عينه عن عشرات النصوص الأخرى من قرآن وسنة، و الذي يقترب من قولهم: "إذا ضربك على خدك الأيمن فَأَدِرْ له خدك الأيسر"؟
لن أستدل بعشرات الآيات القرآنية والمواقف النبوية التي يعرفها عامة القراء فضلا عن خاصتهم ويحفظونها عن ظهر قلب تنقض هذا القول وتدمغه فإذا هو زاهق، ولكن أقول للدكتور الشكعة ومن وافقه: لماذا ذهب شيخ الأزهر أصلا لهذه المسخرة السياسية؟ ولماذا يُعرِّض نفسه والأزهر والأمة لهذه الإهانة وهذا الهراء؟ أين رجال الدين في حوار الأديان؟ أين المشايخ والبابوات والحاخامات؟ ألم يكن حوارا للسياسة والتطبيع وتمرير ما تشاء أمريكا وإسرائيل في المنطقة العربية؟.
ألم يكن من الأكرم للأزهر ومشيخته وللأمة أن يعتذر الشيخ "الأكبر" عن الذهاب حتى لا يتهم الإسلام بالعدوانية، ويُنزع عن الأزهر وسام الوسطية والاعتدال، وتتبرأ من الفكر الإسلامي السماحةُ والرحمة والسلام؟؟!!
أشعر بالخزي والحزن والهم والضيق حينما أرى مبادئ الإسلام ومفاهيمه تُميَّع وتُسطَّح وتحرف من أجل تسويغ أفعال كبار القوم على ألسنة أناس يفترض أن يكونوا علماء مفكرين لهم قدرهم ووزنهم، ولكن في عصر الفتن يجب أن يتوقع المرءُ أيَّ شيء من أي شخص ومن أي جهة.
كان من الممكن أن أقرأ الخبر وأمرره كما أمرر باقي الأخبار التي تأخذ من أعصابي، وتضاعف حزني، ثم أطوي صدري على هذا الحزن والألم، لكن مكانة الدكتور الشكعة وعلمه هو الذي حفزني على الكتابة والرد.
لا أظن أبدا أن الدكتور الشكعة قال هذا القول ـ وقد جاوز التسعين، بورك في عمره ـ طمعا في منصب، أو رغبة في جائزة، أو رهبة من أحد، ولكن هل تدري ما السبب؟؟ أظن أنك ستتحير كما تحيرتُ مثلك، وهذا ما يجعل الحليم حيران!!.
يا أصحاب الفضيلة والعلماء من أعضاء المجمع: لا تشوهوا صورة الأزهر، ولا تلطخوا بالعار مكانة مجمع البحوث الإسلامية ـ أكبر مرجعية إسلامية في مصر، وأقدم مرجعية بحثية في العالم الإسلامي ـ وقد فضَّل الدكتور رأفت عثمان الصمت، ورحم الله من جعل حديث النبي نصب عينيه: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".
موقع إخوان الجيزة، ومنتدى الإخوان

ليست هناك تعليقات: