دموع الشيخ وجدي غنيم
وصفي عاشور أبو زيد
باحث مصري في العلوم الشرعية
غلبتني دموعي حينما رأيت الشيخ وجدي غنيم يبكي، ويخفي وجهه بيده عن المشاهدين، وما أصدق بكاء الرجل! فإن بكى الرجل فبكاؤه حق وصدق.
وكان سبب بكاء الشيخ هو إعلان الدكتور عمر عبد الكافي عن أن حلقة يوم الأربعاء 9/5/2007م التي بكى فيها الشيخ وجدي هي آخر حلقة تذاع على الهواء مباشرة، وأن برنامجهم الذي يقدمونه سيتوقف بعد ثلاث حلقات مسجلة من تاريخ هذه الحلقة.
ذلكم هو برنامج "رياض الجنة" الذي يذاع أسبوعيا على قناة البحرين الفضائية، ويعده ويقدمه ثلاثة من أعلام الفكر والدعوة في عصرنا: الدكتور عمر عبد الكافي الداعية المتألق المحبوب، صاحب الجماهير الكبيرة والشعبية الواسعة، والشيخ وجدي غنيم المثال والنموذج للداعية المعاصر الذي يجمع بين علم الدعوة وفقهها وفن إيصال معاني الإسلام الكبرى لعموم الناس بأسلوب ميسور، وأستاذي الدكتور صلاح الدين سلطان الأستاذ الجامعي المرموق، والفقيه الجليل، والداعية الذي ينفع الله به حيثما حل، نحسبهم جميعا كذلك ولا نزكي على الله أحدا.
ولقد حقق هذا البرنامج نجاحا باهرا؛ حيث استطاع أن يجذب عددا كبيرا من المشاهدين كانوا حريصين على الاستماع له، وانتظاره كل أسبوع، ظهر ذلك في بعض الحلقات التي أذيعت على الهواء مباشرة وأبرزها الحلقة الأخيرة المشار إليها، فلم يكد يُغلَق هاتف حتى يتصل آخر، ولم يكد يبدأ أحدهم في إجابة سؤال حتى يقطعه اتصال خارجي، بل اتصلت إحدى المشاهدات مطالبة بمنع هذه الاتصالات؛ لأنها تحول بين المشاهدين وبين الاستماع إلى المشايخ والاستمتاع بالاستفادة منهم.
وكان من أسباب نجاح البرنامج كذلك هذا الأداء الرائع وتلك القضايا الحيوية الإيمانية والأخلاقية والسلوكية التي يتناولها، والعلم الغزير والأدوية الناجعة والإجابات النافعة التي كان يقدمها هؤلاء الثلاثة الأعلام.
كما كان من أسباب نجاحه ذلك الأدب الجم والاحترام الوفير والأخلاق الرفيعة التي رأيناها بين هؤلاء الثلاثة، كل منهم يعتبر نفسه تلميذا أمام الآخر، وكل منهم يخاطب الآخر بـ دكتورنا، وأستاذنا، فلا غرو أن كان نموذجا يذكرنا بالأدب والتوقير والتواضع لدى أئمتنا الكبار.
واهتبالا لهذه الفرصة توجه الدكتور عمر عبد الكافي ـ مقدم هذه الحلقة ـ إلى كل من زميليه ليوصي المشاهدين وصية بعدما أعلن أن البرنامج سيتوقف بعد ثلاث حلقات، وما أروع ما قاله هنا الفقيه الدكتور صلاح سلطان، ولشد ما تأثرت به كما تأثر به الكثيرون حينما قال: نحب أن يعلم الإخوة المشاهدون أننا نحبهم في الله أكثر مما يحبوننا، وسوف أسافر إلى مكة غدا للعمرة وأدعو لكل من شاهد هذا البرنامج، والعهد الذي بيننا وبينكم هو هذا الكتاب ـ مشيرا بمصحف كان بيده ـ لا تتركوه وتمسكوا به واتلوه وتدبروه، فإن فيه النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
وتوجه الدكتور عبد الكافي للشيخ وجدي فلم يستطع أن ينطق من غلبة البكاء عليه، وهنا طلب الدكتور صلاح من الدكتور عمر أن يوصي وصية، فقال: أوصي كل المسلمين أن يحملوا هم الإسلام أينما حلوا وأن يكونوا دعاة خير له في كل مكان.
لماذا بكى الشيخ وجدي؟ وما الذي دعاه لهذا البكاء؟! أمن أجل برنامج انتهى؟ أم من أجل أنه يوصي المشاهدين الذين أحبوه وصية، أم من أجل أن مقام الوصية ملازم للبكاء؟؟!
لا أعتقد أن أيًّا من ذلك كان سببا في بكائه، وهو الذي أضحك المشاهدين وأدخل السرور عليهم في كل حلقة، كما أنه وزميليه لهم برامج عديدة ولهم حضور واسع في الفضائيات.
الذي أبكى الشيخ وجدي ـ كما أتصور ـ أن الإسلام يحارب في كل مكان، وأن حربه من أبنائه أشد من حربه من أعدائه، وأن دعاته ورموزه مقيدون في كل مكان حتى في أوطانهم التي نشأوا فيها وتربوا عليها، ممنوعون من مواصلة رسالتهم، وممارسة دعوتهم.
لماذا يحال بيننا وبين علمائنا؟ لماذا يحولون بين دعاة الإسلام وبين عموم المسلمين؟ لماذا يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا؟!
إن المسلم لا يحزن إذا حارب الإسلامَ أعداؤه، فهذه سنة من سنن الله الجارية، أما الذي يُذْهب النفس حسرات، ويقطِّع القلب زفرات أن يكون أعداء الإسلام هم من ينتسبون إليه، وأن يكون بأسنا بيننا شديدا، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".
مجرد برنامج لاقى قبولا وحقق نجاحا وكسب جماهير التفوا حوله وأحبوا دعاته كان غصة في حلوق القوم الذين لم يسعهم استمراره ولا الإبقاء عليه.
وفي هذا من الدروس ما يطمئننا أن المسلمين بخير، وأنه لا تزال كلمة العلم وعاطفة الدين والتذكير بالله هو الذي يحرك الجماهير المسلمة، وهو الذي يؤثر عليهم ويقودهم، وأن القوم لو أطلقوا يد الدعاة تعمل عملها في الجماهير لانصلح الناس وأصلح الله بهم، وتغيرت أحوالنا إلى أحسن حال.
رجائي ـ ومعي عشرات الآلاف ـ ألا يتوقف علماؤنا الثلاثة بهذا البرنامج، فالفضائيات كثيرة، وكثير منها يرحب بالبرنامج ويتلهف على أصحابه، والله أسأل أن يتقبل منهم وينفع بهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
Wasfy75@yahoo.com
وصفي عاشور أبو زيد
باحث مصري في العلوم الشرعية
غلبتني دموعي حينما رأيت الشيخ وجدي غنيم يبكي، ويخفي وجهه بيده عن المشاهدين، وما أصدق بكاء الرجل! فإن بكى الرجل فبكاؤه حق وصدق.
وكان سبب بكاء الشيخ هو إعلان الدكتور عمر عبد الكافي عن أن حلقة يوم الأربعاء 9/5/2007م التي بكى فيها الشيخ وجدي هي آخر حلقة تذاع على الهواء مباشرة، وأن برنامجهم الذي يقدمونه سيتوقف بعد ثلاث حلقات مسجلة من تاريخ هذه الحلقة.
ذلكم هو برنامج "رياض الجنة" الذي يذاع أسبوعيا على قناة البحرين الفضائية، ويعده ويقدمه ثلاثة من أعلام الفكر والدعوة في عصرنا: الدكتور عمر عبد الكافي الداعية المتألق المحبوب، صاحب الجماهير الكبيرة والشعبية الواسعة، والشيخ وجدي غنيم المثال والنموذج للداعية المعاصر الذي يجمع بين علم الدعوة وفقهها وفن إيصال معاني الإسلام الكبرى لعموم الناس بأسلوب ميسور، وأستاذي الدكتور صلاح الدين سلطان الأستاذ الجامعي المرموق، والفقيه الجليل، والداعية الذي ينفع الله به حيثما حل، نحسبهم جميعا كذلك ولا نزكي على الله أحدا.
ولقد حقق هذا البرنامج نجاحا باهرا؛ حيث استطاع أن يجذب عددا كبيرا من المشاهدين كانوا حريصين على الاستماع له، وانتظاره كل أسبوع، ظهر ذلك في بعض الحلقات التي أذيعت على الهواء مباشرة وأبرزها الحلقة الأخيرة المشار إليها، فلم يكد يُغلَق هاتف حتى يتصل آخر، ولم يكد يبدأ أحدهم في إجابة سؤال حتى يقطعه اتصال خارجي، بل اتصلت إحدى المشاهدات مطالبة بمنع هذه الاتصالات؛ لأنها تحول بين المشاهدين وبين الاستماع إلى المشايخ والاستمتاع بالاستفادة منهم.
وكان من أسباب نجاح البرنامج كذلك هذا الأداء الرائع وتلك القضايا الحيوية الإيمانية والأخلاقية والسلوكية التي يتناولها، والعلم الغزير والأدوية الناجعة والإجابات النافعة التي كان يقدمها هؤلاء الثلاثة الأعلام.
كما كان من أسباب نجاحه ذلك الأدب الجم والاحترام الوفير والأخلاق الرفيعة التي رأيناها بين هؤلاء الثلاثة، كل منهم يعتبر نفسه تلميذا أمام الآخر، وكل منهم يخاطب الآخر بـ دكتورنا، وأستاذنا، فلا غرو أن كان نموذجا يذكرنا بالأدب والتوقير والتواضع لدى أئمتنا الكبار.
واهتبالا لهذه الفرصة توجه الدكتور عمر عبد الكافي ـ مقدم هذه الحلقة ـ إلى كل من زميليه ليوصي المشاهدين وصية بعدما أعلن أن البرنامج سيتوقف بعد ثلاث حلقات، وما أروع ما قاله هنا الفقيه الدكتور صلاح سلطان، ولشد ما تأثرت به كما تأثر به الكثيرون حينما قال: نحب أن يعلم الإخوة المشاهدون أننا نحبهم في الله أكثر مما يحبوننا، وسوف أسافر إلى مكة غدا للعمرة وأدعو لكل من شاهد هذا البرنامج، والعهد الذي بيننا وبينكم هو هذا الكتاب ـ مشيرا بمصحف كان بيده ـ لا تتركوه وتمسكوا به واتلوه وتدبروه، فإن فيه النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
وتوجه الدكتور عبد الكافي للشيخ وجدي فلم يستطع أن ينطق من غلبة البكاء عليه، وهنا طلب الدكتور صلاح من الدكتور عمر أن يوصي وصية، فقال: أوصي كل المسلمين أن يحملوا هم الإسلام أينما حلوا وأن يكونوا دعاة خير له في كل مكان.
لماذا بكى الشيخ وجدي؟ وما الذي دعاه لهذا البكاء؟! أمن أجل برنامج انتهى؟ أم من أجل أنه يوصي المشاهدين الذين أحبوه وصية، أم من أجل أن مقام الوصية ملازم للبكاء؟؟!
لا أعتقد أن أيًّا من ذلك كان سببا في بكائه، وهو الذي أضحك المشاهدين وأدخل السرور عليهم في كل حلقة، كما أنه وزميليه لهم برامج عديدة ولهم حضور واسع في الفضائيات.
الذي أبكى الشيخ وجدي ـ كما أتصور ـ أن الإسلام يحارب في كل مكان، وأن حربه من أبنائه أشد من حربه من أعدائه، وأن دعاته ورموزه مقيدون في كل مكان حتى في أوطانهم التي نشأوا فيها وتربوا عليها، ممنوعون من مواصلة رسالتهم، وممارسة دعوتهم.
لماذا يحال بيننا وبين علمائنا؟ لماذا يحولون بين دعاة الإسلام وبين عموم المسلمين؟ لماذا يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا؟!
إن المسلم لا يحزن إذا حارب الإسلامَ أعداؤه، فهذه سنة من سنن الله الجارية، أما الذي يُذْهب النفس حسرات، ويقطِّع القلب زفرات أن يكون أعداء الإسلام هم من ينتسبون إليه، وأن يكون بأسنا بيننا شديدا، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".
مجرد برنامج لاقى قبولا وحقق نجاحا وكسب جماهير التفوا حوله وأحبوا دعاته كان غصة في حلوق القوم الذين لم يسعهم استمراره ولا الإبقاء عليه.
وفي هذا من الدروس ما يطمئننا أن المسلمين بخير، وأنه لا تزال كلمة العلم وعاطفة الدين والتذكير بالله هو الذي يحرك الجماهير المسلمة، وهو الذي يؤثر عليهم ويقودهم، وأن القوم لو أطلقوا يد الدعاة تعمل عملها في الجماهير لانصلح الناس وأصلح الله بهم، وتغيرت أحوالنا إلى أحسن حال.
رجائي ـ ومعي عشرات الآلاف ـ ألا يتوقف علماؤنا الثلاثة بهذا البرنامج، فالفضائيات كثيرة، وكثير منها يرحب بالبرنامج ويتلهف على أصحابه، والله أسأل أن يتقبل منهم وينفع بهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
Wasfy75@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق