القرضاوي وعمرو خالد مجددا ـ وصفي عاشور أبو زيد
وصفي عاشور أبو زيد* : بتاريخ 26 - 3 - 2006
أثارت المبادرة التي أعلنها الداعية الشاب عمرو خالد للحوار مع الدانمارك تحفظ كثير من العلماء والمفكرين على رأسهم العالم الفقيه الشيخ يوسف القرضاوي، والكاتب المعروف الأستاذ فهمي هويدي، وعارضوا فكرة الحوار مع الدنمارك قبل أن تقدم الحكومة الدنماركية اعتذارا رسميا واضحا حتى يكون للحوار معنى.ورأى الداعية عمرو خالد ومن معه أن هذا الشعب لا يعرف قدر النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يعرف مبادئ الإسلام وأخلاقه الإنسانية العظيمة، ومن ثم أقدم على هذه الخطوة التي أساء فيها بالرسوم الكاريكاتورية لهذا الدين ورسوله الكريم، فلم يكن بدٌّ من تجاوز هذا الموقف وتعريف الشعب الدنماركي بالإسلام ورسوله عن طريق التواصل والحوار.واستطاعت الصحف المغرضة أن تضخم الخلاف بين العلامة القرضاوي والداعية عمرو خالد وتصور الموقف على أنه انقسام بين دعاة الإسلام، وأنه اختلاف تضاد وتنافر لا اختلاف تكامل وتضافر بالرغم من أن الأستاذ عمرو خالد راعى أدب الخلاف واحترام العلماء فكان قمة في احترام الشيخ القرضاوي فصرح بأنه عالم جليل وقد تعلمنا على يديه الحوار مع الآخر والتواصل معه، ولم يكن الأمر أقل من هذا من ناحية الشيخ.وفي رأيي أن الجمع بين الموقفين سهل ويسير، ومن الممكن أن يكون الرأيان متكاملين ومتعاونين كل منهما يسند الآخر ويكمله، بالرغم من الاتهامات التي وجهت لعمر خالد بالسذاجة في التفكير والتعالي على الجالية المسلمة هناك، ومن الاتهامات الأخرى التي وجهت للشيخ القرضاوي بالتشدد وفرض الوصاية، فلا مانع ـ من وجهة نظري ـ أن يتمسك رجل في وزن الشيخ القرضاوي باعتباره رمزا كبيرا وعالما جليلا بموقفه من ضرورة صدور اعتذار لإعادة الاعتبار للأمة العربية والإسلامية التي أهينت في شخص رسولها وهي منطقة مقدسة لديها، في الوقت الذي يحاول فيه داعية في وزن الأستاذ عمرو التواصل معهم وإجراء حوار يتضمن شرح قيمة الرسول عند المسلمين وإبراز أخلاقه وشمائله وفضائله، وبيان أخلاق الإسلام ومعالم حضارته التي أسعدت العالم حينا من الدهر، وبذلك لا يكون هناك تعارض بل الرأيان متكاملان ومتعاضدان، ولكل من الداعيتين دور يؤديه ويتمسك به.ومع ذلك فقد تضمن المؤتمر أثناء انعقاده كلمات ـ لا سيما من الداعية الكويتي الدكتور طارق السويدان ـ تطالب بضرورة إصدار اعتذار رسمي للمسلمين في كل مكان، وشدد الأستاذ عمرو خالد على هذا الكلام أيضا، وتجاوز ذلك حينما صرح بأن الاعتذار لم يعد يكفي حتى الآن ما لم تسعى الدنمارك لبناء جسور بينها وبين العالم الإسلامي والتفكير في وسائل معقولة لبناء هذه الجسور، ومن ثم فرأي الشيخ القرضاوي سليم وصحيح ورأي الأستاذ عمرو خالد سديد وصحيح أيضا، ويجب على الساحة الفكرية والدعوية أن تتسع لهذه الآراء وتستوعب هذه الاجتهادات؛ لأن الجميع لم يقصد إلا الخير للإسلام، ورفعة شأن المسلمين، وقد تعلمنا أن المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد.*باحث في العلوم الشرعية ـ جامعة القاهرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق