دفاع عن الشيخ القرضاوي في غيبته
وصفي عاشور أبو زيد ـ مصر
8/18/2005 9:23:00 AM
صمت الشيخ القرضاوي ولم يحرك ساكنا، فلم يطالب أمير قطر بعدم تقديم التسهيلات بإقامة مقر القيادة المركزية الأمريكية في قطر، أو لم يُفتِ بحكم الدين في الحكام الذين يقدمون التسهيلات للأمريكيين والبريطانيين للاعتداء على دولة مسلمة واحتلالها وقتل أطفالها ونسائها، بل وعاب على الأزهر الشريف تحركه الآن ومطالبته المسلمين بالجهاد ضد الأمريكان الذين يحتلون ديار المسلمين.هكذا بالحرف الواحد افتتحت جريدة "العربي" الأسبوعية الناطقة باسم الحزب العربي الديمقراطي الناصري في عددها رقم 856 الصادر في 25 صفر 1424هـ الموافق 27/4/2003م ـ تحقيقا بعنوان: "الشيخ القرضاوي صمت ثم قال على موقعه بالإنترنت: شغلونا بالعراق عن قضية القضايا فلسطين"، ووضَعه تحريرُ الجريدة عنوانا على صفحتها الأولى.واتهم التحقيق الشيخ القرضاوي أنه لم يخرج في مسيرة رافضا الحرب على العراق كما فعل أيام الحرب على أفغانستان مُلمِّحا أن ذلك ربما كان خوفا من إغضاب "ولي النعم" الشيخ حمد بن خليفة أمير دولة قطر، أو "رغبة" في عدم إغضاب السيد الأمريكي، أو ربما كان "طمعا" في نيل رضائه.ويشير إلى خطبة الشيخ التي قال فيها "شغلونا بالعراق عن فلسطين" ويتهم الشيخ أنه يخلط الحق بالباطل ويهون من شأن قضية العراق، كما يفعل أمير دولة قطر، ثم قال ما نصه: "فالرجل لم يستح وقد بلغ من الكبر عتيا، وخرج على المسلمين في ثاني جمعة بعد اندلاع العدوان الأمريكي؛ ليقول للناس شغلونا بما هو فرعي عما هو رئيسي، وكأن المخططات الأمريكية ضد الدول العربية والإسلامية أمر هين وسهل ويجب أن نتركهم ينفذوه، وننبه لما يدور في فلسطين، ولم يقل لنا الشيخ كيف نتعامل مع ما يدور في فلسطين أو مع ما يدور في العراق غير جمع التبرعات للفلسطينيين كما يفعل هو".ثم يشير التحقيق إلى أن الخطبة ظلت على موقع الشيخ دون تحديث حتى كتابة السطور، وأن الشيخ حرص على إرسالها ونشرها ليحافظ على علاقاته بأمير قطر، ويستجدي رضا الأمريكان.وعاب التحقيق على الشيخ أن يحيي الأزهر على فتواه لنصرة العراق، مع عتاب رقيق للأزهر أنه كان يتمنى أن تصدر عنه فتاوى خاصة بالشأن الفلسطيني.كما أورد فتوى الشيخ الخاصة بحرمة معاونة أي مسلم القوات الأمريكية لضرب الشعب العراقي المسلم، ثم يقول مستهزئا وساخرا: "والله ما أروعك يا شيخ ... حرام فقط! غفر الله لك ذنبك .. وعافاك وأعادك إلى رشدك، وأبعد عنك مستشاري السوء الذين يحرصون على علاقاتك بأمير قطر والأمريكيين أكثر من حرصهم على صورتك أمام الرأي العام المسلم"، ثم أورد انتقادات موجهة للشيخ من خلال موقع "arabtimes.com"، الذي يتقاطر بغضا وحقدا على الشيخ.وفي البداية أعرب عن أسفي وحزني لنشر مثل هذا التحقيق لأسباب عديدة، أهمها:
أولا: أن جريدة "العربي" من الإصدارات الحزبية المعارضة، التي تتصدى لإسرائيل وأمريكا، وبالتالي فهم في معسكر واحد مع الشيخ سواء من الناحية السياسات الداخلية أو الخارجية، وهذا بالطبع لا يمنع أن تقوِّم وتنصح وتجادل، لكن بالتي هي أحسن.
ثانيا: أن الشيخ القرضاوي حُرمت منه وسائل الإعلام المصرية بكافة أشكالها، ويحتل مكانته في دول العالم كله ويُستقبل في قاعات كبار الزوار، بينما يُستقبل في مطار القاهرة بالتفتيش والإهانات، فلا يعقل أبدا أن نرى جريدة مثل "العربي" توجه إليه هذه التهم، وتكيل له تلك الافتراءات.
ثالثا: أننا في حالة هي أقرب للحاجة إلى رأب الصدع وإكمال النقص والتوجه إلى وجهة واحدة والاتفاق على كلمة واحدة، مما يتناقض معه النهش في لحوم رموز العلماء ـ إن لم يكن هو الوحيد الذي يتكلم ويُسمع الدنيا صوته ـ وتشويه صورتهم بلا جريرة فعلوها أو ذنب ارتكبوه.أما عن التحقيق الذي نشر فالاختلاق فيه أضوأ من الشمس، وليُّ أعناق الكلام أوضح من فلق الصبح، وتحميل الكلام فوق طاقته أبين من غرة النهار.لقد ذكر التحقيق أنه اطلع على موقع الشيخ، إذن من المؤكد أنه قرأ خبر مرض الشيخ القرضاوي المنشور في موقعه يوم الأربعاء 19 مارس 2003م مفاده أنه بعدما أجرى القرضاوي عملية جراحية في ركبتيه تكللت بالنجاح، وبعد منع زيارته من قبل الأطباء، بدأ فضيلته يتماثل للشفاء، لكنه باق بالمستشفى حيث تقدم له الرعاية الطبية في مستشفى حمد. وهو على سرير المستشفى يتابع أحداث العالم الإسلامي فيسأل عن المظاهرات التي تحدث في الشارع العربي والعالم احتجاجا على الحرب على العراق. كما ذكر الخبر أنه منذ آخر جمعة من شعبان لم يستطع القرضاوي اعتلاء منبر الجمعة، بسبب مرضه، ومن عادة الناس إذا تغيب طويلاً عن المنبر لسبب أو لآخر أن يتوهموا الأوهام ويشيعوا الأقاويل، فقالوا أنه منع من صعود المنبر لحساسية الموقف في هذه الأيام، ولكنه في الجمعتين الماضيتين صعد المنبر وألقى كلمة قوية أثرت في النفوس تتعلق بالحرب على العراق وبأحوال الأمة الإسلامية اليوم، وبين للناس أنه منذ اعتلائه المنابر للخطبة أو في مجالس الدرس أو بكتاباته في الصحف أو في لقاءاته في برامج التليفزيون والإذاعة، وهو يقول ما يريد حسبما يملي عليه دينيه وضميره وأنه أخذ موثقاً مع نفسه وموثقاً مع ربه أن لا يقول فوق هذا المنبر إلا الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم ولا نقمة ظالم، وشعاره قوله الله تعالى (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيبا).ومع ذلك تجاهل التحقيق مرض الشيخ واتهموه بالصمت المريب الذي يستجلب به رضا أمير قطر، ورضا الأمريكان.وعلى الرغم من مرض الشيخ ـ بالإضافة إلى متابعته لأحوال العالم ـ ألقى عبر الفيديو من غرفته بمستشفى حمد العام في قطر من على سرير المرض ـ
كما نشر الموقع يوم الثلاثاء 8 أبريل 2003 ـ ألقى كلمة لندوة قطر للحوار الإسلامي المسيحي يوم أمس دعا فيها أهل الدين إلى أن لا يدوروا في فلك السياسيين، وأكد على أن المسلمين يرحبون بالحوار ويؤمنون به، وحيَّا في كلمته التي أذيعت في التلفاز والراديو بشكل مباشر كلاًّ من بابا الفاتيكان ورئيس أساقفته علي موقفهما المعارض للحرب المدمرة الدائرة في المنطقة الآن، ودعاهما إلى السعي لتجنيب الشعوب ويلات الحروب والدعوة إلى السلام وحل المشكلات بالطرق السلمية، وتلا قول الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ليؤكد على أهمية الحوار والمجادلة كسبيل أمثل لإزالة سوء الفهم وسوء الظن بين الجماعات والشعوب، وأبدى أسفه لعدم تمكن كل أصوات السلام من الحيلولة دون نشوب الحرب حيث غلب صوت القوة على صوت الحكمة، وأخيرا دعا المشاركين وجميع رجال الدين من أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية إلى تعزيز كلمة الله وكلمة الحق والدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان ورفع الظلم والمظالم وعدم السكوت عما يجري في أرض الديانات مهد السيد المسيح ومسرى خاتم الأنبياء.
وهل ينتظر الشيخ القرضاوي ـ رائد الوسطية وفقيه الأولويات ـ صحافيًّا يُعلِّمه الفرعي من الرئيس، والمهم من الأهم، على الرغم من أن الشيخ لم يقلل من أهمية وخطورة الأمر في العراق، إنما أراد أن يذكِّر المسلمين بقضية فلسطين التي غطت عليها أحداث العراق، ويوضح المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني مستغلا فرصة إهمال الإعلام للقضية الفلسطينية وتركيزه على العراق، ومع ذلك صرح الشيخ القرضاوي في إحدى خطبه أثناء تدمير العراق لصواريخه قائلا: "إنني مع كل صاروخ عراقي من صنع علماء المسلمين العراقيين يتحطم أشعر أنه تكسر ضلع من ضلوعي".
والشيخ القرضاوي لم يعب على الأزهر بيانه، إنما شد على يده وحياه وشكر له ذلك، وكان يتمنى منه إضافة إلى ذلك ألا ينسى قضيتنا الأزلية وأن يصدر بيانا خاصا بها كما أصدر في شأن العراق.فهل هذا يدعو إلى السخرية والاستهزاء برمز من رموزنا، وعالم من علماء الأمة له مواقفه المشهودة، وفتاواه المؤثرة المسموعة، وجهاده العظيم في رفع الخطر والظلم عن الأمة الإسلامية؟.
إنني أطالب الأستاذ عبد الله السناوي رئيس التحرير أن ينشر اعتذارا عما حدث، لا ليصحح صورة الشيخ، ولكن ليعيد ثقتنا بجريدة "العربي" التي تتبنى قضايا مهمة، وتعالج سياسات خطيرة.
http://www.shbabmisr.com/?xpage=view&EgyxpID=954
تعليقات على الموضوع
الاستاذ عبدالله السناوي
عمر أبو رصاع
8/19/2005 12:13:00 AM
أما الاستاذ الكبير عبدالله السناوي فلن يستجيب لك لأنه مقتنع بما نشر وأما ما ذكرته من تأكيد السيد يوسف على القضية الفلسطينية فأحيلك إلى المظاهرات التي اندلعت في فلسطين ضد الغزو الامريكي للعراق في فلسطين ذاتها .وأما العملية فالتوقيت للإختفاء في مثل هذا الجو مما يسأل عنه عالمك يوسف قرضاوي ففي عز الازمة يختفي ثم بدلا من أن يدعوا لمقاومة الاحتلال "الجهاد" يحث قوى السلام وبنبرة المقاومة السياسية وأين هي من جوهر فكر القرضاوي ، كان بأمكانك أن تضع الأمور في نصابها وتقول غلب الرجل على أمره فولي النعم كما نعلم لا يسمح بذلك وبالتالي تضع يوسف قرضاوي في مكانه الطبيعي من علاقته بالنظام القطري ومن المنظومة البتروفقهية والبترواسلامية ، فلماذا لا يتظاهر القرضاوي اليوم كما تظاهر من اجل افغانستان أم أن قضية أفغانستان لم تكن تغطي على القضية الفلسطينية ؟ثم نسأل هل النظام القطري نظام يراعي شرع الله كما يراه يوسف أم أن الحديث عنه ايضا يغطي على قضية فلسطين ؟ وهل تخصيص حلقتين للحديث للأمة عن مخالفة لعبة البوكيمون للأطفال للشرع لأن فيها شبهة اقرار بنظرية داروين في النشوء والارتقاء لا يشوش على القضية الكبرى لكن العراق يشوش؟يا رجل أي عقل تخاطبوعموما شكرا جزيلا جزيلا على طرح الموضوع فقد جاء وبقلمكم كاشفا عن ما أردنا
القرضاوي وعبث الصغار
مجدى إبراهيم محرم
8/19/2005 3:06:00 AM
الأخ الفاضل / وصفي عاشور أحييك على مقالك الرائع وبرغم أن الأخ عبد الله السناوي له مواقف جيدة إلا أن ذلك لا يمنعنا من قول الحق أن الإخوة الناصريين لا ينسوا أو لا يتخلصوا من كراهيتهم التاريخية والتي وقعوا فيها من لحظة دراستهم ووضع السفير البريطاني ذو الدم الأزرق مخططاته للإيقاع بين الثورة والإخوان وقد أوضحنا ذلك في مقالى سيد قطب تنويريا ((( من يريد قراءة المقال المقال في الموقع الخاص بي ))وبالرغم من الظلم الذي وقع على الإخوان إلا أن الناصريين مصرين على عدم نسيان الماضي المهم **** الدكتور القرضاوي شفاه الله وعفاه كان أكبر المحرضين ولا أظن أن هناك أحد في العالم العربي كله تحدث أو حرض ضد العدوان الأمريكي الصليبي في العراق بالرغم من وجوده في قطر**** اعتبر القرضاوي مقاطعة البضائع الأميركية واجبا على كل مسلم وقال "نحن لا نستطيع فرض ذلك على الحكومات التي لديها أعذار مقبولة أو غير مقبولة، وإنما نطلب من أكثر من مليار مسلم القيام بهذا الأمر لأن كل فلس تجمعه الشركات الأميركية يذهب إلى إسرائيل".**** وجه الدكتور القرضاوي شفاه الله وعفاه نداء إلى حكام العرب والمسلمين "نقول للحكام اقطعوا العلاقات لكنهم لن يصغوا إلينا، ونتوجه للشعوب لكي يقاطعوا المنتجات من مشروبات وسجائر ومعدات كهربائية وسيارات لأننا نستطيع أن نقاوم عبر المقاطعة الاقتصاديةكما طالب الشيخ القرضاوي بطرد القوات الأجنبية من الأراضي العربية والإسلامية سيظل الشيخ القرضاوي رمزا شامخا وصوتا دافعا ومحرضا من أجل الحق مهما حاول الصغارالنيل منهوجزاك الله خيرا يا أخي العزيز وصفيمجدي محرم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق