واجبات إسلامية فرضتها أحداث الدنمارك
كتب وصفي عاشور أبو زيد* : بتاريخ 21 - 2 - 2006
أظهرت أحداث الدنمارك الأخيرة مجموعة من الواجبات يتحتم على المسلمين القيام بها، وقبل إبراز هذه الواجبات لابد من تقرير أن هذه الإساءات مهما كان كَمُّها وكيفها لم ولن تطال من شخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا مذكورا؛ لأن الله تعالى كفاه سخرية الساخرين واستهزاء السفهاء الغافلين، فقال سبحانه: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ". الحجر: 95. ومن يستطيع أن يخفض ما رفع اللهُ تعالى؟ "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ". الشرح: 4. ولن يزال اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقرونا باسم الله تعالى يتردد في كل لحظة عبر مكبرات الصوت التي تصخ آذان العالمين، بينما الذي أهين حقا هي الأمة العربية والإسلامية وحكام وحكومات العرب والمسلمين، وليس أدل من هذه الأحداث على مرحلة الضعف والخذلان التي تمر بها هذه الأمة، فأصبحت تابعة بعد أن كانت متبوعة، وذليلة بعد أن كانت عزيزة، ومهينة بعد أن كانت كريمة، وغير معبوء بها بعد أن كانت لها الهيبة والقوة والظهور.أما عن الواجبات التي فرضتها هذه الأحداث، وأوجبت على المسلمين أن يقوموا بها، فمن أهمها:ـ إتـقان الدعاة للغة الإنجليزية وغيرها من لغات العالم، فقد أصبح تعلمها فريضة شرعية على المسلمين الآن لمتابعة الأحداث وقراءة ما ينشر ويكتب في الغرب، وبالتالي يتم الرد بنفس لغتهم، فضلا عن توصيل خطابنا لهم، وهو الأهم، وقد قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ". إبراهيم: 4. لأنهم بدون هذا السلاح الفعال لن يبقى أمامهم إلا أحد أمرين: إما الانفعال والصراخ العقيم، وإما كبت الغضب حتى ينفجر في الاتجاه الخطأ كما فعلت قلة مخبولة من مسلمي بريطانيا عندما تظاهرت في شوارع لندن وهي تهتف بقطع رؤوس من يهينون الإسلام، أو حينما قام بعض المسلمين بحرق سفارات الدانمارك في بلادهم مثل سوريا ولبنان وغيرهما.ـ تصميم موقع ضخم على شبكة الإنترنت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما دعا إليه الشيخ القرضاوي في خطبته 10/2/2006م للدفاع عن رسول الله والتعريف برسالته، ولتعليم الأمم مَنْ هو محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون التعريف برسول الله بأسلوب علمي يتناول سيرته وحياته وشخصيته وأخلاقه ومعجزاته ودلائل صدقه، إلى جانب تقديم رسالته التي جاءت رحمة للعالمين، كما دعا الشيخ إلى تقديم أثر محمد ورسالته في العالم.ـ إنشاء قناة فضائية أو قنوات بلغات العالم تنقل للناس جميعا قيم الإسلام وأخلاقه وسلوكه وحضارته العظيمة، وفي هذا فتح كبير للإسلام؛ لأنه لن يخاطب هذا الدينُ نفسا إلا فكرت في أمره، ووجدت في ذاتها هاتفا يناديها إليه ويحدوها عليه وهو نداء الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها.ـ المقاطعة الدائمة وليس الوقتية أو الموسمية، وهو أمر يجب أن يترسخ في طباع المسلمين، ويتربوا عليه، حتى يصير جبلة وطبيعة فيهم، مقاطعة كل بلد يعادي الإسلام ويهين رموزه ويسيء إليه ويحتل أرضه.ـ وهذا الواجب يوجب شيئا آخر على الحكام والحكومات، وهو أن تعمل على ضمان هذه المقاطعة وتصب في صالح شعوبها فتقاطع معهم سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا لإيجاع المُقاطَع.ـ يجب على الشعوب والحكومات أن تحقق الاكتفاء الذاتي لنفسها من الصناعات والمنتجات المختلفة؛ لأنه لن يقاطع ضعيف أو محتاج، وإذا كنا اليوم نستورد كل شيء فكيف نقوى على المقاطعة أو يكون لها أثر قوي زاجر؟!، فإذا قاطعنا ونحن ضعفاء تراجعنا من قريب وعدنا إلى منتجاتهم في حين يقضي الواجب أن تحملنا الحاجة إلى الاختراع والنظر في شئوننا وتدبير مصالحنا لتكون لنا كلمة وتكون لنا مهابة بين سائر الأمم.ـ على النخب المثقفة والقيادات الفكرية والإعلامية والحركات الإسلامية الواعية والفاعلة أن تقوم بدورها كما ينبغي؛ لأن رد فعلهم جاء مخزيا ومتأخرا عن رد فعل الشارع العام، ومن ثم يجب عليهم أن يراجعوا مواقفهم وواجباتهم؛ لتكون هناك قيادة للرأي العام والحركة الشعبية، وهذا يضمن سلامة رد الفعل وصحته وانضباطه واعتداله في آن معا.هذه ـ وغيرها ـ دروس وواجبات مستخلصة من هذه الأحداث التي كانت خيرا في كل الجوانب سواء بإدراك السلبيات وجوانب النقص في الأمة، أو بظهور إيجابيات وبركات، وهو حدث خير على كل حال صدق فيه قول الله تعالى: "لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير".باحث في العلوم الشرعيةWasfy75@gawab.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق