الأربعاء، 16 يناير 2008

اختلي بنفسك .. تعودي لربك ـ استشارة إيمانية


هلا - فلسطين
الاسم
اختلي بنفسك .. تعودي لربك
العنوان
أمراض القلوب
الموضوع
سيدي الفاضل .. إنني أؤمن بالله وأؤمن بالقدر وأخاف عقاب الله وأرجو ثوابه ، وكنت أصلي منذ سن صغيرة ؛ وأرتدي الزى الشرعي والحمد لله .. ولكن ما حدث معي أنني ابتعدت شيئا فشيئا عن الله ، فصرت لا أقرأ القرآن ولا أتنبه لصوت الأذان، يمر عليّ رمضان ثقيلا كئيبا ؛ وإن صليت فريضة في اليوم نسيت غيرها أياما وشهورا.. أعزم أحيانا على العودة للصلاة ؛ واستغفر وأبكي لذنبي فأصلي ما حضر؛ ثم أجد نفسي في اليوم التالي ناسيا لكل ما سبق وإن عاهدت الله عليه . لا أعلم ما حصل ويحصل معي ، لا أريد أن أعلق ما آل إليه حالي علي أي شماعة..
فقط أريدكم أن تأخذوا بيدي وتساعدوني .. أريد العودة وطمأنينة النفس التي كانت لي.. أريد استرجاع كل ما فاتني. فكيف لي بذلك؟

السؤال
الرد

يقول وصفي أبو زيد الباحث الشرعي بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة :
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ؛ وبعد....
الأخت الكريمة، أسأل الله لنا جميعا أن يهدينا من ضلال ، ويرشدنا من حيرة، وينقذنا من كل هم وضيق إلى صراطه المستقيم.
لا أخفيك سرا أننا جميعا نحتاج إلى خلوة بين الحين والآخر لتوجيه النفس وتقييمها ؛ ومجاهدتها على الاستمرار والثبات في طريق الله .
أختنا الكريمة، عندما يغيب الهدف والغاية عن حياة أي إنسان ؛ يفقد البوصلة المرشدة له ؛ ويتخبط في الحياة ويشعر بالضياع ، ويصاب بالاضطراب والقلق والحيرة.
ومشكلة الإنسان من الأزل وإلى الأبد أنه لا يجيب بشكل عملي عن الأسئلة الثلاثة التي حيرت فلاسفة العالم: لماذا خلقنا؟ وإلى أين نسير؟ وما المصير؟
فكيف يوقن المسلم أنه مخلوق لعبادة الله ثم ينصرف عنه؟
وكيف يؤمن أنه يعيش أياما معدودة وينتهي إلى الموت ثم يعرض عن عبادة الله؟
وكيف يعتقد أن مصيره إما إلى الجنة أو إلى النار ثم يغفل عن طلب الجنة والبعد عن النار؟

إننا ـ للأسف الشديد ـ حينما نعمل في وظيفة من أجل الحصول على لقمة العيش لا نجرؤ على التقصير أو التهاون فيها ، وإلا تعرضنا للفقر والجوع والخوف ، لكن في أمر الآخرة يتراجع مؤشر النشاط ، وتفتر العزائم ، وتنحط الهمم ، مع أن القرآن قرر في مواضع عديدة أن الآخرة هي خير وأبقى ، وأن الدار الآخرة لهي الباقية الدائمة التي تستحق النشاط والعمل الدائب.
المرء منا إذا أحب أخا له لا يملك أن يخالفه أو يقصر فيما طلبه منه، بل يسارع إلى إنجاز كل ما يرضيه حتى لو لم يأمره به، فهل نريد فعلا أن نحوز رضا الله، وأن يرضى عنا؟
وإذا سألتِ نفسك هل تريدين أن تكوني حبيبة إلى الله لم يتردد لسانك في الجواب، وهو بالإيجاب، ولكن لكل شيء ثمن، ولكل قول حقيقة، ولكل قضية برهان، وقد قال الشاعر قديما:
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
ولهذا أحب أن أصيغ نصيحتي لك بشكل عملي في النقاط التالية:
أولا: لابد من إدراك وظيفتنا في الحياة التي خلقنا الله لها، وهي العبادة بمفهومها الشامل الذي يُعبِّد الدنيا للآخرة، ويُصلح الدنيا بالدين.
ثانيا: يجب أن تختلي بنفسك بشكل دائم ودوري كل شهر مرة، أو كل أسبوع مرة، وإن استطعت أن تفعليها كل يوم مرة فحسن ، توجهين نفسك إلى المسار الصحيح إن ضلت، وتذكرينها إن نسيت، وتلجمينها بلجام التقوى إن ضلت عن الصراط المستقيم، وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيأوا للعرض الأكبر".
ثالثا: الصحبة لها دورها الخطير في حياة المسلم، فالمرء على دين خليله، كما أخبرنا المصطفى عليه السلام، فتخيري من أقرب الناس إلى نفسك وأحبهم إلى قلبك من يعينك على الطاعة ويذكرك بالله دائما، ويرفع همتك، ويحافظ عليك، وإن كان لك قرناء سوء فأقلعي عنهم فورا، واجعلي علاقتك بهم عادية حتى لا تصابي بأذاهم.
رابعا: عليك ـ أختي ـ أن تستشعري دائما فضل الله عليك ولطفه بك وقربه منك والنعم التي تفضل بها عليك ، هل تكافئينه بترك ما أمرك به، وإتيان ما نهاك عنه؟ إن الإنسان مجبول على حب من أحسن إليه، وقد قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
وإذا صنع أحد معنا معروفا فنحن نبحث عن أقرب فرصة نرد فيها إليه معروفه ، فكم من النعم التي أنعم الله بها علينا شكرناه علينا ؟ وإذا شكرنا فهل وفيناه حقه "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".
خامسا: طالعي من حين لآخر سير الصالحين والعباد والزهاد، وتأملي كيف كان حالهم مع الله، وكيف كانوا يعبدونه، ويستصغرون عبادتهم في مقابل فضله ونعمه، ويستشعرون ـ بعد هذا كله ـ تفريطهم في جنب الله.
سادسا: عليك بالدعاء في جوف الليل أن يهديك الله تعالى، وألا يدعك لغيرك أو يتركك إلى غيره طرفة عين، واسأليه الثبات والصبر، وكوني على يقين أن الإنسان حينما يحيا في طاعة الله يشعر بالرضا ويمتلئ قلبه بالطمأنينة والسعادة، ويعيش أسعد لحظات السكينة والرضي.
وتابعينا بأخبارك

سر فقدان الخشوع وحرمان الدموع
دموع العيون وجفاف القلوب
في قلبي غلظة.. فكيف ألينه؟
عاص يرجو ظل الله

ليست هناك تعليقات: