الثلاثاء، 12 فبراير 2008

وقع في الزنى.. هل تُقبل التوبة بلا حد؟ـ استشارة إيمانية

ناصف - مصر
الاسم
وقع في الزنى.. هل تُقبل التوبة بلا حد؟
العنوان
السلوكيات
الموضوع

هناك شخص عمره 28 سنة، وقع في خطيئة الزنى، ويريد أن يتوب ويرجع إلي ربه، فهل لا بد أن يقام عليه حد الزنى، لكي تُقبل توبتُه أم يكفي أن يتوجه إلي الله عز وجل بالدعاء، والاستغفار معلنا توبته وندمه على ما كان منه؟. أرجو الإفادة.
السؤال
فريق الاستشارات الإيمانية
المستشار
الرد
الحمد لله غافر الذنب، و قابل التوب، شديد العقاب، الفاتح للمستغفرين الأبواب، والميسر للتائبين الأسباب، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:

أخي الراغب في التوبة

السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بك، وشكر الله لك ثقتك بإخوانك في شبكة "إسلام أون لاين.نت"، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، وأن يتقبل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها لمخلوق حظا،...آمين... ثم أما بعد:

يقول الباحث الشرعي وصفي عاشور أبو زيد، عضو فريق الاستشارات الإيمانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ومن اتبع هداه وبعد،

اعلم ـ يا أخي الكريم ـ أن الله تعالى أغلق المنافذ أمام مقدمات الزنى حين أمرنا بغض البصر ورتب عليه الأجر الجزيل، وحين أمرنا بالاستئذان قبل دخول البيوت والاستئناس والسلام على من فيها، وأوضح النبي أن الاستئذان إنما هو من النظر، فيما رواه أبو داود بسنده عن هزيل قال:

جاء رجل، قال عثمان ـ سعد بن أبي وقاص ـ فوقف على باب النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذن، فقام على الباب، قال عثمان: مستقبل الباب، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هكذا عنك أو هكذا؛ فإِنّما الاستئذان من النظر".

وحين حرم الله أمورا أباح أمورا أخرى حتى لا يحدث الكبت النفسي للنفس الإنسانية فيكون الانفجار بما يؤدي إلى ارتكاب الفواحش، ويسَّر أسباب الزواج وحذر من التعسير والتنطع فيه، وأوضح النبي ذلك حين قال فيما رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة، وصححه السيوطي: " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".

ذلك أن الإسلام لا يحارب الرغبات النفسية وما خلق عليه الإنسان وجبله عليه، وبخاصة هذه الشهوة العارمة التي تعد أقوى الملاذ، بل يهذبها الإسلام بما يحفظ كرامة الناس ويصون أعراضهم وأنسابهم، ويخط لها خطوطها المشروعة، وفي هذا يقول صاحب الظلال: "والإسلام يلحظ ألا يحطم الميول الفطرية إنما يهذبها، ولا يكبت النوازع البشرية إنما يضبطها. ومن ثم ينهى فقط عما يخالف نظافة الشعور، وطهارة الضمير".

فلابد من العلم بهذا والإحاطة به، ثم اعلم أن الله تعالى يقبل التوبة من التائبين، ويعفو عن السيئات وعن كثير، ويتجاوز عن المخطئين برحمته التي وسعت كل شيء، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، بشرط أن تكون التوبة صادقة نصوحا جامعة لشروطها المعروفة، من إقلاع وندم وعزم على عدم العودة للمعصية.

والتوبة الصادقة تمحو جميع الخطايا والذنوب، مهما بلغت، قال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعَمِل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً"[الفرقان:68-71].

أما بخصوص مسألة علاقة قبول التوبة بإقامة الحد، فاعلم- رعاك الله- أن إقامة الحد منوطة بالحاكم وموكولة إليه، فمتى وصل إليه العلم بارتكاب ما يقام عليه الحد بشروطه فلا يسعه إلا أن يقيمه على صاحبه، وإذا لم يصل هذا الذنب الذي يستوجب الحد إلى الحاكم وستره الله تعالى على من قارفه، فلا يشترط لقبول توبته أن يقام عليه الحد؛ فالتوبة تَجُبُّ ما كان قبلها من الذنوب.

وحسبنا ما رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن ابن عمر وصححه السيوطي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإنه من يُبْدِ لنا صفحتَه نُقِمْ عليه كتابَ الله".

ولا أدل على ذلك من حديث الرجل الذي قَتل مائة نفس، وأراد أن يتوب، فدُلَّ على عالم، فقال له العالم: ومن يحول بينك في صحيح البخاري (3470)، وصحيح مسلم (2766)، فأمره بالتوبة، ولم يأمره بوجوب إقامة الحد، فَدلَّ ذلك على أن التوبة كافية لمن تاب، دون إقامة الحد عليه.

فعلى من فعل هذه المنكرات أن يتوجه إلى الله بالتوبة الصادقة، وأن يدعو لمن آذاهم، ويستغفر لهم، واسمع يا أخي إلى هذا الحديث القدسي الآسر الذي يهزُّ كيان كل مسلم:

عن أنس– رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله– صلى الله عليه وسلم– يقول:" "قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ و تَعالَى: يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ عَلَى مَا كَانَ فيكَ ولا أُبالي. يا ابنَ آدمَ لوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالي. يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لوْ أتيتني بِقُرابِ الأَرْضِ خَطَايا ثُمَّ لَقِيتَني لا تُشرِكُ بي شيئاً لأتيتُكَ بِقُرابِهَا مَغفِرةً". " أخرجه الترمذي (3640) وقال: حديث حسن غريب.

وأضف إلى هذا كله أن الله يفرح بتوبة العبد إذا تاب ورجع إليه، كما ثبت ذلك في الحديث المتفق عليه من حديث أنس –رضي الله عنه- أخرجه البخاري (6309)، ومسلم (2747).

فيا أخي الكريم أنصحك بما يلي:-
بادر بالتوبة ولا تسوف؛ فإن التسويف من الشيطان.
اقطع كل صلة تربطك بهذا الماضي السيئ.
عليك بحضور مجالس الذكر والعلم.
عليك بمصاحبة أهل الخير ومجالستهم، واحذر من قرناء السوء والقرب منهم؛ فمصاحبة الفريق الأول فوز وفلاح في الدارين، ومصاحبة الفريق الثاني شر وفساد وخيبة وخسارة في الدارين.
واظب على إقامة الصلاة مع جماعة المسلمين، في المسجد إن استطعت.
أكثر من فعل الطاعات ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
اقطع دابر أي شيء يوصلك إلى ارتكاب السيئات والمعاصي.
اصدق في اللجوء إلى الله؛ فإن الله يصدق مع من صدق معه.

واعلم - أخي الحبيب- أن هذا كله عون لك - بعد الله- على الثبات على طريق الهداية، وفقنا الله وإياك إلى ما فيه رضاه، وحفظنا وإياك من كل ما يقرب إلى غضبه.

وختاما؛
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يفقهك في دينك، وأن يعينك على طاعته، وأن يصرف عنك معصيته، وان يرزقك رضاه و الجنة، وأن يعيذك من سخطه والنار، وأن يهدينا وإياك إلى الخير، وأن يصرف عنا وعنك شياطين الإنس والجن إنه سبحانه خير مأمول ..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...

طالع أيضاً:
اغسل ذنوبك بدموع التوبة
أخشى الزنى ..الإيمان هو الحل
ذنوبي أماتتني.. التوبة بعث جديد
وقع في الزنا وتاب .. فهل أتزوجه؟

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Eman_Counsel/EmanA/EmanA&cid=1168265551715

ليست هناك تعليقات: