الثلاثاء، 17 يونيو 2008

طلب العلم الشرعي ..الأولويات والمنهج


بحار - مصر
الاسم
طلب العلم الشرعي ..الأولويات والمنهج
العنوان
السلام عليكم مشكلتي إجمالا هي نسياني العجيب(بلا سبب عضوي) بالإضافة إلى قلة همتي سواء في العبادة أو تحصيل العلم + شعور كبير بالضياع في محيطات الكتب التي أقتنيها والشرائط الدينية وأمهات الكتب، ولا أعلم من أين ابدأ وفي أي منهم ومن ثم أنظر لهم وأتحسر ولا أفعل شيئا!! : أما تفصيل ذلك فالآتي:
مطلقة، قاهرية، 35 سنة، ليسانس آداب، من أسرة نسيبة ومرتفعة المستوى الاجتماعي والديني، منتقبة، أسبوعي يتكون من 3 دروس أحضرها، درسين يستغرق كل منهما 3 ساعات، خاصين بالتجويد وحفظ القرآن، ودرس آخر في تفسير القرآن يستغرق ساعتين، بخلاف هذا ليس هناك أي شيء مرتبطة به على مدار اليوم سوى الأمور العادية، إن كانت أمي تريد أن اذهب معها في مكان أو جاءنا ضيوف أو الأكل والنوم وأداء الصلوات.
ليس لي ورد يومي محدد فأحيانا أقرأ جزء وأحيانا اقرا صفحات قليلة وأحيانا أقرا آيات، أصلي فقط ركعتين قيام وأصلي الفجر حاضرا، كذلك أشاهد برامج دينية على الستالايت، مشكلتي هي أنني أنسى بشكل رهيب بالإضافة إلى أنني لا أجد طاقة في تحصيل العلم، فحتى واجب التجويد أكتبه قبيل الدرس بليلة، وبعد تسويف وشعور بالملل من أدائه.
أما القرآن فنفس الأمر، أراجعه قبيل الدرس، بمعنى أنني في حقيقة الأمر لا أخصص أساسا وقتا للمدارسة والاستذكار، ولا أجد وقتاً لمراجعة القرآن، مع أنني كنت متفوقة في الجامعة وأحصل على تقدير جيد، والمشكلة هي أنني أحب جدا اقتناء الكتب الدينية القيمة، فعندي كل كتب ابن القيم ومعظم كتب العقيدة وكتب التراجم والتفاسير و.. و.. و..و..، إلا أنني لا أقرأ منهم إلا اليسير وعلى فترات متباعدة، وهذا يصيبني بالحزن والضيق من نفسي إلا أنني اشعر بضعف بدني وخوار ورغبة كبيرة في النوم معظم الوقت (دون سبب صحي أو ضعف).
ماذا أفعل؟ أتمنى أن أقرأ ما لدي من كتب وأن أستمع إلى الشرائط، وخاصة أن كل ما أتعلمه أو تعلمته يتفلت مني، وقد كنت قد درست بمعهد إعداد الدعاة وانتهيت من العام الثالث ثم لم أكمل لزواجي، ماذا أفعل وكيف أنظم وقتي ومن أين أبدا؟ هل أبدأ بكتاب تفسير ثم عندما انتهي منه أمسك بآخر في العقيدة مثلا؟ أم ماذا؟ هل أخصص شريطا وكتابا أنتهي منهما في عدد محدد من الأيام؟ ماذا أفعل وكيف أتخلص من الخمول العجيب الذي يكتنفني وعدم الإقبال على العلم؟ بالرغم من توفر كل أدواته لدي ومن تيسرها لي تماما وبالرغم من أنني جسديا وصحيا لا تشوبني أي علة تفسر ما يكتنفني، جزاكم الله خيرا.
وأرجو الاهتمام وأرجو وصف خطوات عملية محددة يسيرة أبدأ بها، وأن تحددوا لها زمنا من ثم أتابع معكم إنجازها، أو أن تشيروا علي بمختص يساعدني على ما أنا فيه.


السؤال
29/01/2008
التاريخ
وصفي عاشور أبو زيد, سعدية أعنطري
المستشار
الرد
الأخت السائلة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد
فإن مشكلتك تجمع بين أكثر من مجال وتحتاج في كل مجال متخصصا، وأما عن القراءة في الكتب الشرعية والتثقيف الإسلامي فهو أمر محمود ومطلوب من كل مسلم، وهو فرض عين في بعض الأمور مثل العلم بطيفية أداء الفرائض الواجبة على كل مسلم.
ومن المهم أن تحددي أولوياتك في تحصيل العلم الشرعي، وأولى الأولويات أن تتفقهي فيما لا يصح التعبد لله وأداء الفرائض إلا به كأداء الصلاة، وصيام رمضان، وإيتاء الزكاة إن كنت من أهلها، وتعلم مناسك الحق إن كنت ممن وجب عليهم، والأحكام الخاصة بالمرأة التي لا تخفى عليك.
فإن أردت أن تتزودي أكثر وتحصلي أكثر فهناك مجالات يجب أن ندركها في التثقيف الإسلامي، وهي العقيدة وعلوم القرآن وعلوم السنة، والفقه والأصول، والسيرة والتاريخ، والتزكية، والفكر الإسلامي، والعلوم الإنسانية الأخرى مثل الاجتماع والفلسفة وعلم النفس، والسياسة والاقتصاد، وغيرها من مجالات.
ومن الحكمة في البداية بالتعلم في أي مجال أن نبدأ بالسهل والقريب ونؤخر الصعب والبعيد في التناول والفهم والاستيعاب، وقد قيل: الربانيون هم الذي يربون الناس على صغار العلم قبل كباره.
ففي العقيدة يمكنك أن تبدئي بما كتبه الشيخ السيد سابق "العقائد الإسلامية"، والشيخ محمد الغزالي: "عقيدة المسلم"، ثم نتدرج بعد ذلك للكتب الأعمق فالأعمق.
وفي التفسير يمكنك قراءة ابن كثير، وفي ظلال القرآن، ثم القرطبي والطبري وهكذا، ويليق بك أن تأخذي فكرة عن علوم القرآن عبر كتاب مثل: "مباحث في علوم القرآن" لمناع القطان، أو الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي.
وفي الفقه : "فقه السنة" للشيخ سيد سابق مع تعليقات الشيخ الألباني، ثم كتاب بداية المجتهد لابن رشد، أو نيل الأوطار للشوكاني، وهكذا.
وفي الأصول: "تيسير علم أصول الفقه" للشيخ عبد الله الجديع، أو "الأصول من الأصول" للشيخ ابن عثيمين، أو "علم أصول الفقه" لعبد الوهاب خلاف، وكتب أبي زهرة والخضري وعبد الكريم زيدان، ثم إرشاد الفحول للشوكاني، والموافقات للشاطبي.
وفي مصطلح الحديث: "الباعث الحثيث في شرح علوم الحديث" لأحمد شاكر، وتيسير مصطلح الحديث لمحمود الطحان، ومباحث في علوم الحديث لمناع القطان، وقواعد التحديث لجمال الدين القاسمي، وهكذا.
وفي التاريخ والسيرة: كتاب الرحيق المختوم وسيرة ابن هشام، والكتب الحركية والدعوية مثل فقه السيرة للغزالي والبوطي والغضبان، والمنهج الحركي للغضبان، والمنهج التربوي للغضبان، وفي التاريخ يمكن مطالعة التاريخ الإسلامي لأحمد شاكر، والبداية والنهاية لابن كثير.
وفي الفكر الإسلامي: مؤلفات الدكتور محمد عمارة، ومحمد قطب، وسيد قطب، وعلي الطنطاوي وعلي جريشة، وسالم البهنساوي، ومالك بن نبي، ومحمد الغزالي، وغيرهم.
وفي التزكية: كتب الإمام ابن القيم، وإحياء علوم الدين للغزالي مع تعليقات الحافظ العراقي على الأحاديث والآثار، وكتب الشيخ سعيد حوى، وحكم ابن عطاء الله مع شروحها.
وهكذا في العلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها، وأنصحك أن تتعرفي على إحدى الداعيات المثقفات أن تعرضي عليها أمورك الثقافية لتتابعك وتجيبك عن تساؤلاتك التي تعن لك.
واعلمي أن الوقت في حياة الإنسان أهم من أن يعجز الإنسان عن ترتيبه، وأقصر وأسرع مرورا من أن يضيع في الحديث عن عدم ترتيبه أو استغلاله، فهذه طامة كبرى في عصر أصبحت السرعة من خصائصه الأصيلة، فلابد من الاهتمام بالوقت وتنظيمه، ويمكن أن تقرئي: الوقت في حياة المسلم للقرضاوي، وقيمة الزمن عند العلماء لعبد الفتاح أبي غدة.
وأسأل الله أن يشرح الله صدرك، وأن ينير بصيرتك، وأن ييسر لك الطريق.
وتضيف
أ‌.سعدية أعنطري عضو لجنة الأسرة بمؤسسة بسمة للتنمية الاجتماعية بالمغرب:
بداية أود أن أحييك على غيرتك على طلب العلم واقتنائه وكذا طلب المزيد من التواصل مع الله سبحانه وتعالى من خلال كتابه ومن خلال مدارسة العلم.
وأود أن أطمئنك برغم كل ما تحمله رسالتك من حزن وهم أن ما ينتابك من إحساس بالملل وضعف الإقبال على القراءة والمطالعة وتحصيل العلم ما هو إلا مسألة تنتاب أغلب الناس في عصرنا الحالي نظرا لهذه المفارقة العجيبة التي أصبحنا نعيشها كلنا يوميا، ألا وهي قوة وكثرة وسائل الإعلام ووسائل التثقيف والتي يقابلها ضعف وكسل وعدم رغبة في العلم من جهة أخرى.
فأغلب الناس والطلاب يشعرون بهذا الإحساس نظرا ليسر وسائل وصول المعلومة إلى بيوتهم ويتساءلون: "لماذا لم نعد تحصيل العلم في هذا الزمان؟".
ولذلك أود أن أثير انتباهك إلى أن المسألة ليست مرضية، ولكن هي نابعة من وعيك ومن صدقك نظرا لأنك تقولين إنك لا تعانين أي مرض عضوي.
وأما بالنسبة للحل فأود أن أنصحك بطلب الإرشاد من طرف طبيب يستطيع أن يساعدك فيما يخص قضية الذاكرة لأننا نعلم أنها مرتبطة بالعامل النفسي ومرتبطة حتى بالنظام الغذائي؛ لذلك يمكنك البحث حتى شخصيا في هذا المجال والاستعانة بنظام غذائي يقوي ذاكرتك، كما أنصحك أختي الكريمة بممارسة الرياضة على الأقل مرة أو مرتين في الأسبوع، وأخص بالذكر المشي لما له من تأثير إيجابي على الذاكرة.
وأما فيما يخص البرنامج العملي الذي تستطيعين تطبيقه فأنصحك بداية بتحديد أهداف صغيرة من خلالها تضعين سلسلة كتب للمدة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر ثم تأخذين النقط الأساسية بشكل انسيابي حيث تركزين فقط على أهم الأفكار التي أخذتِها من هذه الكتب.
كما أنصحك لتركيز هذه الأفكار بإلقائها شفويا أمام مجموعة من أخواتك أو صديقاتك بحيث تستطيعين مناقشتها، وبالتالي استيعابها بشكل قوي، وهكذا تمرين إلى محور آخر بنفس الطريقة ونفس المنهجية.
وأخيرا أنصحك بالابتعاد عن تأنيب ضميرك لأن هذا يهزمك أكثر مما يشجعك على الإقبال والاستمرار.

ليست هناك تعليقات: