الثلاثاء، 17 يونيو 2008

السيد نوح وجهوده في خدمة الحديث النبوي

السيد نوح وجهوده في خدمة الحديث النبوي
بقلم وصفي عاشور أبو زيد
عُرِفَ الشيخ الدكتور السيد محمد نوح [1946ـ2007م] بالداعية والمربي، واشتهر بأنه صاحب: "آفات على الطريق"، و"توجيهات نبوية على الطريق"، ولم يعرف بأن له جهودًا مقدورة في علوم السنة النبوية، كما لم يشتهر بأن له عطاء متميزًا في خدمة الحديث النبوي.
ومما يحزنني ويذهب نفسي حسرات أننا لا نتنبه لعلمائنا الكبار ودعاتنا الثقات إلا بعد رحيلهم، والشيخ سيد نوح ممن ظُلموا إعلاميا في حياتهم في الوقت الذي تغص فيه الفضائيات ببعض ممن لا علم لهم، أو ممن أطلق عليهم النبي صلى الله عليه وسلم: "الرويبضة"، وفسره بأنه الرجل التافه يتحدث في أمر العامة.
ولقد عاب العلامة الشيخ يوسف القرضاوي على الإسلاميين تقصيرهم في حق علمائهم، وعدم تقديرهم لهم واهتمامهم بهم، في حين أن الماركسيين والعلمانيين واللادينيين تُصنع لهم هالاتٌ مكبَّرة وأمجادٌ مزورة على أشخاصهم وتاريخهم وما يقدمون من أفكار.
على أية حال فإن عالمنا وداعيتنا المرحوم بإذن الله الشيخ السيد نوح له جهود في علوم السنة وخدمة الحديث النبوي تستحق أن نلقي عليها الضوء ليبرز هذا الجانب الخفي في علم الشيخ وعطائه.
مؤلفاته
وتدليلا على هذه الزاوية المهمة عند الشيخ يرحمه الله أن أول تحقيق له كان كتاب: "المنهل الروي في الحديث النبوي" لابن جماعة؛ حيث يعد الشيخ السيد نوح من القلائل الذين شربوا من العالم المحقق السيد صقر الدقةَ وفنَّ التحقيق، وهو أول كتاب نشرته دار الوفاء بالمنصورة بمصر.
الحافظ المِزِّي وكتابه تهذيب الكمال
أما دراسة الشيخ للدكتوراة فكانت عن: "الحافظ أبو الحجاج يوسف المزي وجهوده في كتابه تهذيب الكمال" وحصل عليها من جامعة الأزهر في عام 1396هـ= 1976م.
وقد عرف الشيخ سيد نوح الحافظ المزي من شيخه المحقق الكبير السيد صقر، وكان للشيخ سيد نوح السبق في التنويه بالحافظ المزي والكشف عن كتابه: تهذيب الكمال، الذي تتجلى جهوده معه فيما يلي:
أولا: أنه بيّن صلة "تهذيب الكمال" بكتاب "الكمال" لعبد الغني المقدسي الذي وُضع لرواة الكتب الستة، ولم يكن معروفا سوى كتابَيْ: تهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، فبيّن مكانة تهذيب التهذيب والتقريب، وأوضح قيمتهما العلمية، وأن الأصل هو تهذيب الكمال.
ثانيا: أنه كشف عن العلاقة بين الحروب الصليبية وحروب التتار؛ لأن هذه الفترة كان فيها هؤلاء العلماء المشار إليهم سابقا، وقد كانوا أصحاب جهاد في هذا الميدان.
ثالثا: أنه أوضح الحلقة المفقودة بين الكمال، وكتب ابن حجر، فلما سُمع عن الكتاب وعرفه الناس تم تحقيقه ونشره بعد مناقشة الرسالة بعشر سنوات.
وحسبنا إبرازًا لقيمة هذا العمل قول أحد أعضاء لجنة المناقشة لهذه الرسالة، وهو الشيخ محمد الحكيم قال للباحث السيد نوح: "لو كان المزي حيًّا ورآك لقبَّل ما بين عينيك"( [i][1]).
علم الطبقات وقيمته الحضارية
ومن جهود الشيخ في علوم السنة كتاب بعنوان: "علم الطبقات، حقيقته وقيمته العلمية والحضارية".
وفي هذا الكتاب عرَّف الشيخ علم الطبقات باعتباره عَلَمًا مركبا، فعرف كلمتيه ثم عرفه مجتمعا، وذكر نشأة علم الطبقات وتطوره حتى يومنا هذا، ثم ذكر أشهر كتب الطبقات، قسمها إلى أنواع ثم ذكر تحت كل نوع أمثلة له، ومن هذه الأنواع: طبقات الرواة عامة، وطبقات الرواة على المدن، وطبقات المفسرين، وطبقات الفقهاء عامة أو على مذهب معين، وطبقات المتكلمين عامة أو على مذهب معين، وطبقات الأصوليين والمجتهدين، وطبقات النحاة واللغويين والبلغاء والأدباء، وهكذا حتى ذكر 13 نوعا من كتب الطبقات يمثل لكل نوع بما لا يقل عن ثلاثة أمثلة.
ثم بيّن القيمة العلمية والحضارية لهذا العلم فمن فوائده وثمراته: التمييز بين الأسماء المتشابهة أو المتفقة، والاطلاع على ما في الإسناد من إرسال أو انقطاع أو عضل أو تدليس ونحو ذلك، والاطلاع على حقيقة العنعنة هل هي سماع أم إرسال.
كما بيّن الشيخ أن لهذا العلم فوائد وثمرات في مجالات أخرى منها علم التاريخ والعمران البشري أو الاجتماع، وهو ما عناه بالقيمة الحضارية، ومن هذه الفوائد معرفة الأقران وما في ذلك من آثار، ومعرفة السابق واللاحق وما له من أهمية.
ثم تناول الشيخ منهج العلماء في تحديد الطبقات وترتيبها والصياغة؛ فهناك من حدد على أساس الزمن، وهناك من حدد على أساس الرؤية وملاقاة الشيوخ، وهناك من حدد على أساس الرؤية وملاقاة الشيوخ عموما والسبق إلى الإسلام ونحوه خصوصا، وقد جاء منهج ترتيب هذه الطبقات على عدة صور: ترتيب على أساس المدن، وترتيب على أساس حروف المعجم.
ثم أورد الشيخ بعض المآخذ الواردة على علم الطبقات، وبين أسباب وقوعها، ورسم معالم علاجها، ثم عرف تعريفًا موسعًا بأنفع كتابين في هذا العلم، وهما: المعين في طبقات المحدثين للذهبي، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي.
وبشكل عام فإن هذا العلم يقف المشتغل به على رؤية شمولية لترتيب العلماء عبر العصور تساعده على تكوين صورة ذهنية متكاملة، كما أنه يعطي صورة عن أثر هؤلاء الرجال في الحضارة الإسلامية، بالإضافة إلى أنه يعصم من زلل كثير ووهم متوقع وتخليط يمكن أن يقع فيه من لا معرفة له بهذا العلم.
الصحابة والتابعون وجهودهم في خدمة الحديث النبوي
ومن جهود الشيخ في خدمة الحديث النبوي أنه وضع كتابين عن خدمة الحديث النبوي؛ الأول بعنوان: "الصحابة وجهودهم في خدمة الحديث النبوي"، والثاني بعنوان: "التابعون وجهودهم في خدمة الحديث النبوي".
وفي الأول تناول مدلول الصحابي، وطريق ثبوت الصحبة، وذكر مرتبتهم من الجرح والتعديل، ومنزلة أقوال وأفعال الصحابة وفتاواهم من الاحتجاج وعمله، وبين طبقات الصحابة.
ثم كشف عن جهود الصحابة في خدمة الحديث النبوي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث الحرص على حضور مجلسه مع الإنصات التام، والسؤال في الأمور المشكلة للمعرفة والفهم، والمعايشة له صلى الله عليه وسلم، وسماع ما يفوتهم من أقرانهم، والتعمق في حفظ باب أو أكثر من أبواب الحديث، وعرض اجتهاداتهم عليه صلى الله عليه وسلم ليبين لهم حكم الله في هذه الاجتهادات، وكتابة الحديث، وحفظ الحديث ومذاكرته، وتبليغ الحديث ونشره.
كما بيّن جهود الصحابة في خدمة الحديث النبوي بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى؛ حيث الحرص على سؤال بعضهم البعض، والتأكد والتحري من حقيقة ما يسمعون، والاستمرار في كتابة الحديث، والاستمرار في تبليغ الحديث، وبيان أحوال الرواة والمرويات.
أما عن التابعين وجهودهم، فقد عرف التابعي لغة واصطلاحا، وبيّن منزلتهم من الجرح والتعديل، وكشف عن جهودهم في خدمة الحديث النبوي تحمُّلا عبر ملازمة الصحابة، والاستمرار في كتابة الحديث، وكثرة السؤال للرواة، والمناظرات ومذاكرة الحديث، والاقتداء والتأسي بالصحابة.
كما بيّن الشيخ -الذي شاركه في هذا البحث الدكتور عبد الرزاق الشايجي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الكويت- جهود التابعين في خدمة الحديث النبوي أداءً عبر الالتزام بالإسناد، وعقد الحلقات العلمية، والحرص على أداء الحديث على وجهه، ووضع معايير علمية لمعرفة حال الرواة، وإجابة المستفتين، والقيام ببعض المهام الرسمية بين الأمراء وولاتهم أو بينهم وبين أهل الديانات الأخرى مما يحمل أصول العقيدة وكليات الإسلام وأمهات السنن وكان من يقوم منهم بمهمة رسمية يحاول نشر هذا كله، وكان من جهودهم: بيان حال الرواة، والدفاع عن الصحابة.
وبيّن الشيخ في نهاية البحث أن جهود التابعين في حاجة إلى الدراسة والاهتمام في هذا المجال؛ لأنهم لم يحظوا باهتمام يليق بهم، مثلما حظي الصحابة باهتمام يليق بهم.
درء التعارض أو تأويل مختلف الحديث
ومن المعلوم أن درء التعارض بين الأحاديث أو تأويل مختلف الحديث مجال شائك لا يجرؤ على خوضه إلا من تمكن من علمين أساسيين: الأول علم أصول الفقه، والثاني: علم أصول الحديث، ومع ذلك فقد خاض عالمنا هذا المجال ببحث أسماه: "درء تعارض أحاديث كراء الأرض".
حيث أورد الأحاديث التي وردت في النهي عن كراء الأرض وأثبت صحتها وخلوها من الاضطراب والنسخ عكس ما ذهب إليه البعض، كما أورد الأحاديث التي جاءت في إباحة كراء الأرض، وأنها محكمة وليست منسوخة، وعامة وليست خاصة.
ودفع الشيخ -على طريقة الأصوليين المحدثين- التعارض بين هذه الأحاديث جميعا، وحمل النهي على ما إذا كان هناك شرط فاسد، أو كان للتنزيه وليس للتحريم، والإباحة محمولة كذلك على الخلو من الشرط الفاسد؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على التحذير والتنفير من كل ما ينفر القلوب، ويقطع أواصر الأخوة والمحبة.
ومن ميزات الشيخ هنا أنه يتناول تناول العالم الداعية المصلح، فبالإضافة إلى أنه يدعو إلى تناول مثل هذه الدراسات في ضوء المنهج النقدي للمحدثين متنا وسندا ليطمئن الناس إلى سلامة الدراسة وصحتها، فإنه يدفع هذا التعارض في ضوء الحملة التي يشنها المستشرقون على السنة، وأن السنة سليمة من التعارض والتناقض وقد صدرت عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وأننا يجب أن نهتم بالدراسات الموضوعية في السنة النبوية؛ لأن هذا يبين لنا آثارا عظيمة ودروسا عملية جليلة نجدد بها الدين ونصلح بها الدنيا.
توجيهات نبوية

ومن بدائعه التي طبقت شهرتها الآفاق وشرقت وغربت، وعُرف بها الشيخ في الدنيا كتابه الماتع: "توجيهات نبوية على الطريق" الذي صدر منه 3 أجزاء شرح فيها الشيخ أربعين حديثا، اختارها بعناية لما تمتعت به من صحة في السند، وزخرت به من معان إيمانية وتربوية ودعوية في المتن والمضمون، ومع أن مضمون الكتاب تربوي ودعوي، فإن انطلاقه من السنة والحديث النبوي.
منهجه في التعامل مع الحديث
للشيخ طريقة متميزة عرف بها في شرح الحديث؛ فهو أولا يُخَرِّج الحديث ليبين درجته من الصحة، ثم يذكر معناه الإجمالي باختصار، وثالثا: يتناول شرح الحديث من عدة جوانب، ورابعا يذكر ما يستفاد من الحديث دعويا وتربويا.
كما أن من معالم منهجه في الشرح أنه يبين صلة الحديث بالقرآن، وصلة الحديث بأحاديث أخرى، ويذكر أثر الحديث في العلماء الذين تناولوه عبر الترجمة والعناوين التي تعنون له.
ولنأخذ مثالا على ذلك تطبيقا حتى يتضح الأمر، لنقف على أهمية طريقة الشيخ في الشرح؛ ففي حديث: "عجبا لأمر المؤمن..."، وهو الحديث السابع والثلاثون من كتاب توجيهات، ذكر تخريجه، وللشيخ طريقة متميزة متكاملة في التخريج عموما، فهو يذكر الكتاب من كتب السنة، ثم يذكر الكتاب ثم الباب ثم رقم الجزء والصفحة ثم رقم الحديث، وهي طريقة جامعة مانعة فيها من التسهيل على الباحث ما لا يخفى.
ثم ذكر الشيخ المعنى الإجمالي للحديث بأن كل قدر المسلم خير وأن الله لا يفعل به إلا خيرا في كل أحواله سواء في السراء أو الضراء.
ثم تناول الشيخ شرح الحديث من جوانب أربعة:
الأول: أبرز سمات المؤمنين كما جاءت في الحديث، وفي نصوص أخرى.
الثاني: ماهية المؤمن الموسوم بالسمات المذكورة آنفا، وطريقة إيجاد هذا المؤمن.
الثالث: ماهية الشكر، وصوره، ومنزلته، وسبيل التحلي به.
الرابع: ماهية الصبر، وصوره، ومنزلته، وسبيل التحلي به.
ثم تناول هذه الجوانب بالتفصيل والأفكار والعناصر التي تسمح للشيخ وتسلس له كما لم تتح وتسلس لأحد قبله، حتى استغرق شرحه للحديث 28 صفحة.
وفي النهاية يقرر الشيخ ما يستفاد من الحديث دعويا وتربويا بأن الإيمان من أجل نعم الله على العبد، وأنه من الضروري مواجهة النعمة بالشكر لننعم بفوائده وثمراته، ومواجهة الشدة بالصبر لفوائده وثمراته.
وهكذا يمضي الشيخ في كل حديث يتناوله بهذا المنهج الثابت الذي يترك في عقل القارئ صورة واضحة عن ماهيته وجوانبه وكيفية تحقيقه في الواقع، والوسائل والطرق التي إن سلكها حقق هذه المعاني الكبيرة في حياته.
وكان رحمه الله يتمنى أن يشرح سنن أبي داود وسنن ابن ماجه، ويطبق فيهما منهجه؛ لأنه كان يرى أنهما لم يخدما بما يليق بقدرهما.
ملمح الربانية في كتابات الشيخ
ولا يفوتنا أن ننوه هنا بربانية الشيخ في انطلاقته لشرح هذه الثلة المختارة من الأحاديث، وغيرها من كتاباته الحديثية، وهي حمله لقضايا أمته واستحضاره لمشكلاتها وواقعها، ولم تصرفه معالجة الأمور الأكاديمية بين الكتب والأوراق وبخاصة في مجال مثل مجال الحديث وعلومه عن الصلة بينها وبين واقع الأمة.
ففي كتاب "الصحابة وجهودهم في خدمة الحديث النبوي"، وهو موضوع أكاديمي صرف، إلا أنه دخل إليه مدخل المربي المصلح حين أكد في مقدمته دوافع الكتابة في هذا الموضوع وهو أن المسلمين اليوم مضيِّعون ومفرطون في حق الله، وفي حق أنفسهم، وفي حق البشرية كلها، ويتجلى مظهر هذا التضييع وذلك التفريط في تداعي الأمم علينا من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، وإمساك هؤلاء بخناقنا، ومحاولة تضييق هذا الخناق حول أعناقنا، حتى لم يعد يظهر أمام الرائي أي منفذ أو متنفس، وهناك أسباب كثيرة لعل أهمها يرجع إلى عدم تقديرنا للميراث الذي ورثناه عن أسلافنا، والجهود الضخمة التي بذلها هؤلاء الأسلاف في حفظ الميراث والمحافظة عليه من عبث العابثين وكيد الكائدين، حتى وصل إلينا سليما نقيا كما ورثوه عن صاحب الرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نطق الواقع بأن من آلت إليه تركة أو قعد على ميراث لم يعرف قيمته، ومقدار المبذول في تحصيله، يمكن أن يبدده بسهولة ويسر.
وحسبنا أن نقرأ مقدمة كتابه "توجيهات" في مجلدين؛ حيث قال في المجلد الأول الذي يحوي الجزء الأول والثاني من توجيهات: "هذه نظرات في أحاديث مختارة من مشكاة النبوة، حرصت على ربطها بروح الإسلام وجوهره، مع التركيز على الجوانب التربوية والدعوية لحاجة الأمة الإسلامية إلى ذلك، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".
وفي مقدمة المجلد الثاني الذي يحوي الجزء الثالث يقول: "هذا هو الجزء الثالث من كتاب توجيهات نبوية على الطريق تشرق شمسه على الأمة الإسلامية وهي تعيش محنة لم يشهد التاريخ لها مثيلا منذ أخرجت للناس حتى يومنا هذا، حاملا في طياته توجيهات من الهدي النبوي على طريق الخلاص واستعادة مركز الإمامة والقيادة للبشرية، تلك التي كانت لها أول مرة، راجيا من الله القبول، ومن المسلمين الدعاء، إن ربي سميع الدعاء".
هكذا كان يصدر الشيخ في كل ما يكتب عن معالجة قضايا الأمة، وعن استشعار الحالة التي تعانيها، حتى في أشد الأبحاث أكاديمية وعلمية كان يوجد صلة ما بينها وبين الواقع المعاصر موجها ومربيا ومرشدا ومصلحا.
جهوده الدعوية في خدمة الحديث النبوي
ولم تقتصر جهود الشيخ السيد نوح في خدمة الحديث النبوي على الأبحاث الأكاديمية المحكمة -على كثرتها- بل تعدى ذلك إلى تبسيط معاني الأحاديث وتوصيلها للناس بأسلوب ميسور قريب المأخذ، شهي المأكل، مشوق العرض، سهل الفهم والاستيعاب.
كل ذلك عبر دروسه التي ما كان يبرحها حتى أيام مرضه في عدد من المساجد والجمعيات الدعوية والخيرية بالكويت، فكان يشرح كتاب رياض الصالحين للنووي، وصحيح البخاري، بالإضافة لدورات في حفظ الحديث، وسلسلات أخرى من كتب السنة النبوية.
نداء إلى الباحثين الشرعيين
هذا غيض من فيضِ جهود هذا الشيخ المبارك، وأحب أن أنادي إخواني وأساتذتي من الباحثين الشرعيين عامة، والأزهريين خاصة -باعتبار الشيخ أزهريا، وأحد أبناء كلية أصول الدين بالقاهرة والمنصورة- أن الشيخ له أبحاث أخرى محكمة كتبها ونشرت في عدد من الدوريات، ومعظمها أبحاث في دراسات موضوعية في ضوء الحديث النبوي، ومن هذه الأبحاث:
الحسد والعين في ضوء السنة النبوية، والتواصل الحضاري بين الأجيال في ضوء الحديث النبوي، وحديث حنظله: ساعة وساعة وفقه العبادة في الإسلام، ومقدمات في تخريج الأحاديث، وميزان الأعمال في الإسلام من خلال حديث إنما الأعمال بالنيات، وغاية البيان في شرح مختارات من السنن، ومقاصد الزواج في ضوء السنة النبوية، ومناهج المحدثين في رواية الحديث بالمعنى، ومستقبل الإسلام في ضوء الحديث النبوي، والتفاؤل والتطير في ضوء الحديث النبوي، وحسن الأسماء والكنى والألقاب، المغزى والضوابط في ضوء الحديث النبوي، وكتاب شفا الصدور في تاريخ السنة ومناهج المحدثين، وهو كتاب في علم التخريج كان مذكرة مقررة على طلابه في كلية أصول الدين بالمنصورة.
وقد صدرت هذه الأبحاث في عدد من الدوريات والحوليات منها: حولية كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا، ومجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بالكويت، ومجلة مركز بحوث السنة والسيرة بقطر، ومجلة الآداب بجامعة الإمارات، وبعض كتبه منشور في دار اليقين بالقاهرة، ودار الوفاء بالمنصورة.
كل هذه الأعمال، وغيرها من الدراسات التي تُصنف في أصول الحديث، جديرة أن تقيم رسالة ماجستير -على الأقل- عن جهود الشيخ في خدمة السنة والحديث النبوي شرحا ودراسة وتأصيلا وتقريبا، وبيان منهجه المتميز في التعامل مع الحديث، وهو منهج نحن جميعا في حاجة إلى إبرازه وتعزيزه ونشره لا سيما إذا كان صادرا عن عالم رباني مثل الشيخ سيد نوح عليه رحمة الله ورضوانه.
* عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
1 - أفادني بهذه المعلومات أستاذنا الدكتور يحيى إسماعيل حبلوش، رفيق عمر الشيخ في الدراسة والدعوة والتخصص، حفظه الله تعالى

ليست هناك تعليقات: