الاثنين، 29 سبتمبر 2008

الضوابط الشرعية للحديث بين الرجل والمرأة على الإنترنت

الضوابط الشرعية للحديث بين الرجل والمرأة على الإنترنت

وصفي عاشور أبو زيد

الحديث على الإنترنت بين الرجل والمرأة حكمه ـ في كثير من جوانبه ـ حكم الحديث مباشرة وجها لوجه، لا سيما وقد أتيح الآن الرؤية عن طريق الكاميرات المعروفة في هذا الشأن، وليس هناك فرق من حيث الشكل سوى عدم تحقق الخلوة التي هي ذريعة لارتكاب الفاحشة.
غير أن المحادثة عبر "الماسنجر" يعطي للرجل والمرأة على السواء بعض الأمن عبر بعد المسافة وعدم المواجهة ما يتيح لهما الجرأة في الطرح، والكلام فيما قد يُستَحَى الحديث فيه عبر المواجهة.

الحرام لذاته والحرام لغيره
وينبغي أن نفرق بين أمرين في حكم الحرام، وهو أن الحرام نوعان: حرام لذاتيه، وحرام لغيره، فالحرام لذاته هو الذي يحرم لذات الفعل مثل شرب الخمر والسرقة والزنا، والحرام لغيره ما كان حلالا في أصله لكن قد يطرأ عليه من المتغيرات والخارجيات ما ينقله من منطقة الحل إلى منطقة الحرمة.

الأصل الإباحة وقد يَرِدُ ما يُحَرِّم
ونستطيع أن نقول باطمئنان: إن لقاء الرجل بالمرأة وحديثهما معا لا يوجد دليل على حرمته الذاتية، لكن قد يطرأ عليه ما يجعله حراما، فالحرمة ـ إن وجدت هنا ـ كانت حرمة خارج الأمر لا نابعة من ذاته.

ضوابط عامة
ومن هنا وضع الفقهاء ضوابط لحديث الرجل مع المرأة، ووردت فيها الآيات الكريمة، مثل عدم الخضوع بالقول، والحشمة الشرعية بشروطها التي لا تشف ولا تصف وتشمل جميع البدن ما عدا الوجه والكفين في قول الجمهور، وحظر كل فعل أو قول يمكن أن يكون ذريعة لشعور بشهوة أو مقدمة للتفكير في المعاصي.

ضوابط خاصة
لكن في الحديث على الإنترنت عبر "الماسنجر" يستحب في هذه المنتديات أو تلك الأحاديث الدعوية أن يكون الرجال مع الرجال والنساء مع النساء، فهذا أسلم لدين الرجل والمرأة ما لم تدع إليه حاجة أو ضرورة، فإذا دعت الحاجة فينبغي أن نضيف بعض الضوابط التي تختص بهذا النوع من المحادثة على النحو التالي:

أولا: ألا يتطرق الحديث بتاتا إلى المعلومات الشخصية كأن يسأل أحدهما الآخر عن السن أو التعليم أو الحالة الاجتماعية ونحو ذلك.
ثانيا: أن يكون الموضوع يستحق الحديث ، ومن الجدة بموضع بعيدا عن مجرد المهاترات وشغل الوقت.
ثالثا: ألا يتعدى الحديث خارج إطار القضية المطروحة أو موضع المناقشة أو موضوع الحوار المتبادل.
رابعا: إذا شعر الرجل أو المرأة بميل قلبي أو تطرقت الشهوة إلى قلب أحدهما فعليه أن يكف عن الحديث ويقطع المكالمة فورا، وإلا وقع في حبائل الشيطان واتبع خطواته التي نهانا الله عن اتباعها.
خامسا: إذا أمكن الاكتفاء بالكتابة فهو أفضل، وإن كان هناك حاجة إلى الحديث بالصوت لاختصار الوقت مثلا وإنجاز المهام، فيجب مراعاة الضوابط الشرعية لذلك كعدم الخضوع بالقول أو ترقيق الصوت ونحوه.
وأخيرا كل إنسان على نفسه بصيرة، وكل فرد أعلم بنفسه ومدى ضعفها أو قوتا، فمَن علم مِن نفسه ضعفا، وخاف على نفسه الوقوع في مصائد الشيطان وجب عليه الكف عن المحادثة ، وإنقاذ نفسه، ومن ظنَّ في نفسه الثبات واليقين، فإننا نرى جواز هذا الأمر في حقِّه لكن بالشروط السابقة.
وينبغي للمرأة والرجل أن يعلما حكم أي فعل قبل الإقدام عليه ، والسؤال عن جوانبه المختلفة، فالعلم بحدود الله من أفضل ما يسعى الإنسان إلى تحصيله. والله أعلم.

ليست هناك تعليقات: