الأربعاء، 9 مارس 2011

هل يجوز قتل القذافي؟ فتوى

السؤال:

أفتى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقتل الزعيم الليبي بسبب قتله أبناء شعبه عن طريق قصفهم بالطائرات واستخدام المرتزقة الأجانب لقتلهم، وقال : أصدر الآن فتوى بقتل القذافي، أيّ ضابط أو جندي أو أيّ شخص يتمكن من أن يطلق عليه رصاصة فليفعل، ليريح الليبيين والأمة من شر هذا الرجل المجنون وظلمه.

فتوى الشيخ قد أثارت جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض.. فهل تجيز الشريعة مثل هذا القتل؟ وهل يتعارض ذلك مع حرمة قتل النفس المعصومة؟ وما الدليل على ذلك؟

تاريخ النشر:

2011-02-22

الاجابه

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

فيقول الدكتور مسعود صبري الباحث في المركز العالمي للوسطية :

قبل بيان الرأي في فتوى الشيخ يوسف القرضاوي من المهم أن نذكر الأسباب المبيحة للقتل في الإسلام كما ذكرها الفقهاء، ثم نطبقها على حالة القذافي لمعرفة الحكم الشرعي في قتله.

وأسباب إقامة عقوبة القتل أو الإعدام كما فهمها الفقهاء من الكتاب والسنة هي:

الردة الجماعية أو المتعمدة لتشويه صورة المسلمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"، ومنها: الزاني المحصن، لآيات سورة النور، ولحديث " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" البخاري ومسلم.

وقاطع الطريق لقوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، والجاسوس، لحديث حاطب بن أبي بلتعة.

ومنها أيضا القتل العمد، وذلك لقوله تعالى: لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) البقرة / 178 وقوله : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 179

وللحديث السابق : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" البخاري ومسلم.

وقد تبين أن القذافي قتل عشرات الليبين حتى الآن عمدا، بل هدد في خطابه أمس بأنه حتى الآن لم يستعمل القوة وأنه سيستعلمها إذا استمرت الاحتجاجات لتنحيه، ولما كان حكم الله تعالى فيمن قتل شخصا واحدا عمدا هو القتل إلا أن يعفو أهله، فكان القتل فيمن يقتل جماعة أو شعبا أولى بالقتل خاصة أنه قد عرف من قرائن الأحوال أن أهالي الذين قتلوا لن يعفو عن القذافي.

أما القول بأن الفتوى تخالف قتل معصوم الدم، فالقذافي ليس معصوم الدم، بل مهدر دمه.

كما أنه من البغاة على شعبه، والباغي يجب قتاله إن رفض التصالح، وقد قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

كما أن قتل القذافي يترتب عليه من المصالح الكثيرة، من أهمها:
- وقف حمام القتل في الشعب الليبي، مما يعني حفظ مئات وآلاف من الأنفس المعرضة للقتل، وكما قال العلماء: تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

- كما أنه سيترتب عليه حرية الشعب الليبي وذهاب الاستبداد والفاسد والظلم، والأمة الإسلامية مأمورة بمنع الفساد والاستبداد بكل طريقة سلمية أولى، أما وقد احتدم الأمر وقد أطلق البغاة والفاسدون إعمال القتل في المظلومين، فكان قتله من القربات إلى الله تعالى، ومن أعظم الجهاد في ليبيا الآن.

ويقول الدكتور وصفي عاشور أبو زيد المتخصص في أصول الفقه ومقاصد الشريعة:

إن ما فعله القذافي من قتل وتدمير وتفحيم للجثث، عبر استيراد مقاتلين من بلاد أخرى ينفك به العقد الذي بينه وبين شعبه إن كان هناك عقد أصلا، ويوجب الخروج عليه والتخلص منه.

أما الإفتاء بإراقة دم القذافي، فالله تعالى يقول: "مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً" المائدة: 32.

وقال تعالى: "وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ". البقرة: 194.

وقال تعالى: "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ". المائدة: 45.

وقال تعالى: "إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " المائدة: 33.

وأرى أن القذافي يستحق القتل شرعا من كل هذه النواحي:

** فقد قتل نفوسا كثيرة وليست نفسا واحدة، وقتلها بغير حق، قتل الأبرياء العُزل الذين خرجوا سلميا يطالبون بحقوقهم فواجههم بأساليب قتل وأدوات محرمة دوليا.

**والقصاص يوجب قتله، وإذا كان الذي يقتل إنسانا واحدا يقتل به، فكيف بمن قتل مئات الأشخاص؟ وإذا كانت الجماعة تُقتل بالواحد ، فكيف لا يقتل الواحد بالجماعة؟

**وإذا كان معشار ما قام به القذافي يتجاوز الإفساد في الأرض، فهل ما فعله من قتل وتخريب وتدمير وإراقة دماء يبعد عنه إقامة حد الحرابة عليه؟

**وإذا كانت جريمة واحدة من هذه الجرائم توجب القتل شرعًا، فكيف إذا اجتمعت عليه في وقت واحد وفي مقام واحد؟

إن الإفتاء بإباحة دم القذافي ووجوب قتله لا ينبغي أن تثير جدلا، ولا خلافا، ومن استوعب اجتماع هذه الجرائم في شخص واحد، فلا ينبغي أن يجادل في مثل هذه الفتوى، بل الواجب القول بها؛ لأنها أقل ما يمكن الإفتاء به مع القيام بهذه الجرائم جميعا.

والله أعلم.

http://www.onislam.net/arabic/ask-the-scholar/129047-2011-02-22-09-24-13.html

ليست هناك تعليقات: