الاثنين، 7 أبريل 2008

دكتور زكريا حسين والقضية الفلسطينية

دكتور زكريا حسين والقضية الفلسطينية
بقلم/ وصفي عاشور أبو زيد

صدر مؤخرًا عن دار الهلال كتاب: «القضية الفلسطينية إلي أين? المواجهة العربية-الإسرائيلية بين الحرب والسلام عبر أكثر من نصف قرن», للواء أركان حرب د. زكريا حسين, ويعتبر صدور هذا الكتاب حدثًا مهمًا في هذا التوقيت» حيث يقدم الكتاب عرضًا للأحداث الفلسطينية منذ التخطيط الصهيوني لاغتصاب فلسطين والاستيطان اليهودي وتصريح بلفور عام 1917م, وما سبقه من تخطيط عالمي في مؤتمر «بازل» في سويسرا عام 1897مرورًا بالجولات المسلحة 1948م, و1956م, و1967م, و1973م, واستعراض استراتيجيات السلام, بداية من مبادرة الرئيس السادات 1977م, ثم مدريد وأوسلو, وما تلا ذلك, إلي طرح شارون صيغة الانسحاب أحادي الجانب من غزة بمبادرة ضمانات أمريكية في 14 أبريل 2004م فيما عُرف بـ«وعد بوش», كما عرج علي آثار تغيير القيادة الفلسطينية بوفاة الرئيس عرفات, إلي قمة شرم الشيخ الرباعية التي عقدت في 9/2/2005م. وترجع أهمية هذا الكتاب لسببين رئيسيين:الأول: أن مؤلفه هو الدكتور زكريا حسين الاستراتيجي البارز, صاحب المؤلفات العلمية العسكرية والسياسية والاستراتيجية القيمة التي تثير دائمًا اهتمام الباحثين, وتحوز عناية الأوساط العلمية, ومن أهم مؤلفاته غير هذا الكتاب: كتاب السياسة العسكرية المصرية في التسعينيات, وكتاب مكتبات التكنولوجيا وتنمية القوة المسلحة, وكتاب العرب إلي أين, وكتاب الترسانة النووية الإسرائيلية.وشارك الدكتور زكريا حسين بمقالات رصينة في كثير من المجلات والصحف الإقليمية, كما شغل عددًا من المناصب المرموقة مثل: مدير كلية الحرب العليا, ومدير أكاديمية ناصر العليا, ورئيس هيئة البحوث العسكرية, ومقرر اللجنة المشتركة لاستلام سيناء طبقًا للمعاهدة الموقعة بين مصر والكيان الصهيوني, إضافة إلي تقلده أرفع الأوسمة والنياشين في الدولة.والسبب الثاني: يرجع إلي طبيعة المادة التي احتوي عليها الكتاب الذي يقع في 330 صفحة, ويطرح تصورًا لخلاصة فكر الصفوة المثقفة العربية والفلسطينية لكيفية صياغة استراتيجية مضادة للمواجهة العربية للتعامل مع الاستراتيجية الإسرائيلية بعد أن اتضحت معالمها بما لا يقبل الخلاف.وتميز الكتاب بعرضه الشامل للمخطط الصهيوني العالمي لاغتصاب فلسطين من خلال عرض أهم الوثائق التي تدلل علي ما أعدته المنظمة الصهيونية لليهود في فلسطين والدور الذي لعبه وايزمان في إقامة وطن لليهود بضغطه علي الحكومة البريطانية, وإيهامها أن وجود اليهود في فلسطين يصب في مصلحة بريطانيا, كما أورد وثائق أخري عن جولات الصراع المسلح سالفة الذكر, وتناول بالتحليل الحديث عن منظمة التحرير الفلسطينية وتحولها نحو السلام, كما تعرض للانتفاضة الفلسطينية, وركز علي استراتيجية التفاوض بين حزبَي العمل والليكود, وذكر أوجه الاختلاف والاتفاق بينهما, وذكر بالتحليل المعادلات والمقترحات والأفكار الإقليمية والدولية التي طرحت إحياء مسيرة السلام والموقف الإسرائيلي منها.ومن أهم ما في الكتاب -إضافة لدعم كلامه بالوثائق التاريخية- التساؤلات التي طرحها في نهاية الكتاب, مثل: هل إسرائيل جادة في السلام مع العرب? وإلي متي سيظل خيار السلام هو الخيار الاستراتيجي الوحيد للعرب, لاسيما في ظل تبني أمريكا للقوة وفرض السيطرة العسكرية? وحاول الإجابة عليها. كما لا يقل أهمية عن ذلك, إيراده بعد ذلك خلاصة لفكر الصفوة المثقفة العربية والفلسطينية لكيفية إيقاف هذا التنفيذ المتسارع للمخطط الشاروني المدعم أمريكيًا لتصفية القضية الفلسطينية, وإعادة صياغة الشرق الأوسط بما يضمن الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية علي مقدراته.والكتاب يعتبر أول كتاب عربي يطرح تسجيلاً وثائقيًا موسوعيًا لقضية الصراع العربي الإسرائيلي, مما لا غني عنه لأي متابع أو مهتم أو باحث في القضة الفلسطينية.

جريدة آفاق عربية العدد 718 ، بتاريخ: 21/07/2005م

ليست هناك تعليقات: