الاثنين، 7 أبريل 2008

إلي الدكتور الفقي: لا تقتل المفكر مصطفي الفقي

إلي الدكتور الفقي: لا تقتل المفكر مصطفي الفقي
بقلم/ وصفي عاشور أبو زيد
هذه رسالة أوجهها من هذا المنبر المتميز عسي أن تسلك طريقها إلي قلب الدكتور مصطفي الذي رشح نفسه عن الحزب الوطني في مواجهة القطب الإخواني د. جمال حشمت, وهي تعليق عما حدث في دائرته من أفعال وأحداث وإعلان, وبيان مخاطر ذلك علي كل الأنحاء.فقد أشارت نتائج الفرز النهائية في دائرة الدكتور الفقي إلي تقدم القيادي الإخواني جمال حشمت بأكثر من 30 ألف صوت مقابل 6 آلاف صوت فقط حصل عليها الفقي في دائرة بندر دمنهور وزاوية غزال, وقد أكدت هذا الخبر جريدة المساء الحكومية علي موقعها الإلكتروني» حيث قالت ما نصه عن دمنهور وهي تسرد أحوال الدوائر في محافظاتها: «دائرة بندر دمنهور فاز محمد جمال حشمت فئات إخوان» بينما رسب د. مصطفي الفقي مرشح الوطني فئات.
وجعلت الجريدة رسوب الفقي وفوز حشمت عنوانا أساسيا في الصفحة الأولي من موقعها علي الإنترنت.وذكر موقع الإخوان الإلكتروني أنه في مسلسل سخيف لا يختلف كثيرا عما حدث مع مكارم الديري في مدينة نصر وحازم صلاح أبو إسماعيل في الدقي يعلن رئيس اللجنة العامة لانتخابات دائرة دمنهور وزاوية غزال فوز المفكر مصطفي الفقي بعد حصوله علي 6 آلاف صوت مقابل 34 ألف صوت للدكتور محمد جمال حشمت.وأورد موقع إسلام أون لاين طرفا من الحوار الذي دار بين حشمت ورئيس اللجنة علي لسان حشمت, فقال:وقد كان الدكتور الفقي أعلن -بعدما نصحه د. حشمت ألا يترشح أمامه- أنه لو تم تزوير في الدائرة لصالحه سوف يتنازل عن الانتخابات ولا يرضي بهذه النتيجة, وها هو الدكتور الفقي يخبر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب بنبأ فوزه بالرغم من أنه يعلم أن النتيجة المعلنة مزورة.والحقيقة أن رضا الفقي بهذه النتيجة بالرغم من علم الداخل والخارج والموافق والمخالف أنها مزورة له عواقب وخيمة علي مستويات عديدة, إن لم يتخذ الفقي موقفا يرضي به نفسه, ويرضي به الشعب, ويرضي به الحقيقة قبل كل شيء.فعلي مستوي الحقيقة المجردة أنه حدث كذب وتزوير وأحداث غير شريفة في الدائرة, وهذا يعبر عن سرقة لإرادة شعب مما لا يقبله أي شريف يحترم ذاته, ويحب مصلحة مصر, وأحسب الدكتور الفقي من هؤلاء.وعلي مستوي الشعب الدمنهوري ستشيع حالة من الاحتقان السياسي, وازدياد حالة السخط الشعبي علي الحكومة التي عبر حشمت عن طرف منها حين قال -بحسب إسلام أون لاين-: بعد مضي فترة من الوقت, حاولت مقابلة القاضي مرة أخري -بعدما أجري عددا من الاتصالات الهاتفية مع أطراف مجهولة- لكي أطلب منه إعلان النتيجة, فمنعني مدير الأمن, ثم طلب القاضي مقابلتي ليبلغني بخسارتي ونجاح مرشح الوطني, وعندما طلبت من القاضي تقديم تفسير لذلك, أجابني وهو منكس الرأس: ليس لدي ما أقوله لك سوي أنك خسرت. وروي حشمت أنه بعدما علم أنصاره الذين تجمهروا بالآلاف أمام لجنة فرز الأصوات, انتابتهم حالة احتقان وإحباط جعلت الكثيرين منهم ينخرطون في حالة بكاء شديد وصراخ فبدأت أهدئ من روعهم وأطلب منهم الانصراف. وشدد حشمت أنه قام في الوقت نفسه بتحذير مدير الأمن من عدم مسئوليته عن أي ردود فعل محتملة قد تكون من ناس بسطاء وليس من أتباعي الذين أقنعتهم أن من مصلحة البلد أن ينسحبوا, ولكن المشكلة في الناس البسطاء الذين تضاعفت لديهم حالة الكراهية للنظام.وعلي مستوي الحكومة والمؤسسات المسئولة عن الانتخابات سيقلل ذلك من مصداقيتها أمام الخارج في بدء عملية الإصلاح الشامل, خاصة أمريكا وغيرها, ويبرز كذبها علي هذا الشعب المطحون الذي كلما وجد فرصة يعبر فيها عن نفسه ويتنفس فيها بعض نسمات الحرية أجهضت الحكومة فرحته وشعوره ولو للحظات بنسائم التغيير, وهذا ينذر بخطر داهم علي مستقبل مصر, ويبشر بما لا يحمد عقباه.وعلي مستوي الحزب الوطني ستسوء سمعته أكثر وأكثر, إذ لو كان هذا هو حال الإصلاحيين والليبراليين في التيار التجديدي بالحزب, يقبلون بالبلطجة والتزوير, فكيف يكون حال غيرهم? وكيف يصدق الناس ادعاءات التجديد والتطوير بالحزب الوطني ?!وعلي مستوي الدكتور جمال حشمت سيزداد رصيده وحبه واحترامه لدي هذا الشعب, فلا يصدق أبدا أي مواطن -بعد هذا الاكتساح في عدد الأصوات- أن النتيجة لم تزور, وذلك في المرتين: الأولي: بعد أن ُأبعد عن مقعده في الدورة الأولي بعد أن قضي ثلاثة أعوام أقض فيها مضاجع المفسدين, والثانية: أمام مصطفي الفقي مرشح الوطني الذي ترغب الحكومة في إنجاحه, وهذا يصب في صالح حشمت مزيدا من الحب الجارف والشعبية الهائلة, والتأييد الوجداني والروحي من أبناء دائرته وباقي شعب مصر.وعلي مستوي الدكتور مصطفي الفقي سيخسر الكثير والكثير, ومن أهمه: -أنه تحول تماما عن موفقه الفكري- في نظر الشعب والمراقبين- ودخل دخولا غير شريف في ميدان السياسة بعد أن كان بريئا نظيفا شريفا في الميدانين.- أن قبوله بهذه النتيجة ورضاءه عنها سوف يخسر معه كل موافقه الفكرية باعتباره كاتبا متميزا, ومفكرا بارزا, لأن الفعل ينافس القول, وهذا وحده يكفي لسقوط الإنسان من اعتبارات الناس.- أنه سيخسر بذلك مكانته ومكانه لدي النخبة المثقفة والعاقلة في مصر والعالم العربي, وسوف يسقط سقوطا سريعا ومدويا من أعينهم, ولن يكون له في قلوبهم أدني تقدير.- أنه سيعرّض بعد ذلك لأن يكون آلة في يد غيره ما دام رضي بهذا التزوير الذي قام به جهاز كامل من أجله, فلن يستطيع أن يقف ويعارض ويناقش من كان له الفضل عليه يوما ما, وهذا ما لا يقبله أي إنسان عنده نخوة من وجولة وبقية من شهامة.- أنه سيعرض نفسيا -بينه وبين نفسه علي الأقل- لحالات من القلق والتوتر وعدم الرضا والارتياح, لأنه أخذ مكانا ليس مكانه, واعتدي علي حق غيره.وأريد في النهاية أن أهمس في أذن الدكتور الفقي -وأنا ممن يقدرون كتاباته الممتعة في الحياة اللندنية, وأحيانا الأهرام القاهرية, حيث الفكر المركز, والذهن الصافي, والأفكار الواضحة, والقدرة الفائقة علي تشخيص الداء ووصف الدواء فيما يتناول من قضايا وأحداث -أود أن أقول له: كم ستكون قيمتك بينك وبين نفسك يا دكتور مصطفي وأنت تعلم أنك سارق, سارق لمكان غيرك, وسارق لإرادة شعب, كم ستساوي بينك وبين نفسك حينما تقسم القسم البرلماني, أو حينما يُعيّرك أحدهم في الحزب الوطني أو أي عضو في البرلمان أنك ليس في مكانك الحقيقي, خاصة وأن أغلب المرشحين دخل هذه الدورة بشكل شرعي وحقيقي إلي حد كبير??أريدك ألا تخسر الصفوة والنخبة في مصر والعالم العربي, وتتحول هذا التحول المؤسف الذي تخسر معه كل مواقفك الإيجابية فكريا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ودوليا, ولذلك فإني أناشدك ومعي عشرات الآلاف ألا تقبل بهذا الأمر كما صرحت من قبل بعدما تأكد الجميع -وأنت في مقدمتهم- من التزوير, وأستحلفك بالله يا دكتور مصطفي ألا تقتل فينا المفكر الدكتور مصطفي الفقي, لأنك إذا قبلت بهذا الفوز المزور ستسقط سقوطا مروعا ومدويا.

جردية آفاق عربية العدد 737 بتاريخ: 01/12/2005م.

ليست هناك تعليقات: