الاثنين، 29 سبتمبر 2008

هنية للشعب الفلسطيني: حق لكم أن تفرحوا رغم الجراح والآلام

في خطبة عيد الفطر
هنية للشعب الفلسطيني: حق لكم أن تفرحوا رغم الجراح والآلام

وصفي عاشور أبو زيد
"اليوم تشرق الأرض بنور ربها على أرض فلسطين، وقد أكرمنا الله بعيدين يوم الجمعة ويوم عيد الفطر، وهي بشائر الخير في شرعة الإسلام وأمة الإسلام، فحُقَ لكم هنا على أرض فلسطين أن تحتفوا بأعيادكم رغم الاحتلال ورغم الآلام، رغم الجراح رغم العذابات رغم الفراق رغم التشر رغم اللجوء رغم الإبعاد، حق لكم أن تحيوا سنة نبيكم، وأن تحتفوا بأعيادكم، وأن تكبروا الله على ما هداكم".
بهذه الكلمات بدأ إسماعيل هنية خطبته لعيد الفطر المبارك يوم الجمعة الماضية في ملعب فلسطين بغزة في فلسطين.
تغييب رموز الشرعية وفرض الحصار
وقال: هذا هو العيد الثاني الذي يأتي على فلسطين ورموز الشرعية الفلسطينية مغيبون في غياهب السجون الصهيونية على رأسهم رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك وإخوانه النواب والوزراء؛ لأنهم أبوا إلا أن يكونوا رجالا لفلسطين، أو يعطوا الدنية في الدين، أو يوقعوا صك التنازل عن الأرض أو اللاجئين، تغيبوا لأنهم أرادوا أن يقيموا نظاما سياسيا فلسطينيا خاليا من الفساد والرشاوى والابتزاز، والفساد السياسي والمالي والإداري.
وأضاف أن هذا هو العيد العيد الثالث والحصار الظالم مفروض على هذا الشعب، حيث إن قوى دولية، وللأسف محلية وراء هذا الحصار الذي جاء بعد انتخابات حرة ونزيهة، شارك فيها الشعب الفلسطيني، وقدم نموذجا عظيما في الاختيار والاقتراع والديموقراطية وحرية الإرادة، فأفرز ما أفرز على أرض فلسطين، لكن القوى الظالمة التي تتشدق بالديموقراطية وحقوق الإنسان هي التي أدارت ظهرها لهذه المعاني، وضربت بها عرض الحائط، ولم تحترم إرادة الشعب وتآمرت عليه وفرضت حصارا جائرا.
وأردف أنه العيد المائة أو ربما الألف الذي يأتي على فلسطين وأكثر من عشرة آلاف من أبطالها الذين قدموا زهرة شبابهم وضحوا بالغالي والرخيص مغيبون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ أكثر من ستين عاما وشعبنا يعاني من الشتات واللجوء في الدول المختلفة: سوريا لبنان والأردن ونهر البارد وغيرها، حيث كتب على هذا الشعب التشرد والشتات وأن يخرج من أرضه: بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وزاد: أنه العيد الستين الذي يمر علينا وما زالت القدس أسيرة، والأقصى يئنّ تحت وطأة الاحتلال، وما زال المسلمون محرومين من الصلاة فيه، ومع كل هذه التحديات والجراحات صبر شعبنا وصمد في وجه كل الأعاصير، فما انكسرت له إرادة، وما لانت له قناة، وما وهنت له عزيمة، بل قدم الآلاف من الشهداء والقادة العظام من أجل أن تبقى الرايات خفاقة والهامات مرفوعة، والصوت مجلجلا: لا وألف لا للتنازل عن أي شبر من فلسطين والقدس والأقصى، أو التنازل عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.

مؤتر السلام ومسلسل التنازلات
وأشار هنية في خطبته إلى مؤتمر السلام المزمع انعقاده في الفترة القادمة، وقال: إن هذا المؤتمر يحمل في ثناياه مخاطر جمة على القضية الفلسطينية بل على المنطقة العربية والإسلامية، فالأمريكان والصهاينة يريدون من هذا المؤتمر أن يكون خطوة على طريق التنازلات على حساب القدس والأقصى واللاجئين، وأن يكون مناسبة للتطبيع مع دولنا دون أن يقدموا شيئا، وأن يكون غطاء لسياساتهم تجاه الدول في المنطقة سواء في فلسطين والعراق، أو لبنان وسوريا وأخيرا إيران. يريدون من الدول العربية أن تبارك هذه السياسات التي تستهدف ضرب الأمة والقضاء على مواقع المقاومة والممانعة فيها.
ووجه هنية خطابه إلى فلسطين متمثلة في رئيسها أبي مازن وللحكام العرب قائلا: إياكم أن تنخدعوا أو تقعوا في شرك دعاوى السلام لتنازلات جديدة في أي من قضايانا الرئيسية، ولا تمنحوا الاحتلال شرعية الاحتلال على أرض فلسطين، أو تمنحوا إسرائيل حق التطبيع معكم في ظل احتلال هذه الأرض وحصار هذا الشعب وتشريد هذه الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني.
وخص هنية مناشدته لمصر والسعودية لما لهما من عمق وأهمية ألا يمنحا الاحتلال شرعية التطبيع من خلال حضور هذا المؤتمر أو الموافقة بشكل أو بآخر على هذه السياسات الخبيثة.
وتعجب هنية أن يتوجه بعض أبناء الشعب لحضور هذا المؤتمر في ظل انقسام خطير في فلسطين، وعدم امتلاكهم لأي من أوراق القوة وأولها وحدة الشعب الفلسطيني، وأكد وجوب الالتزام الكامل بحماية الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتوفير كل عناصر القوة لأبناء الشعب، وقال: من أجل هذا نادينا بالحوار، وما زلنا ننادي به بالرغم من كل الأصوات التي أدارت ظهرها له.
وقد كان العلامة يوسف القرضاوي قد صرح في برنامج: "يا فضيلة الشيخ" من إذاعة إسلام أونلاين مؤخرا أن الحوار بين فتح وحماس واجب شرعي لن تُحل الأزمة الفلسطينية إلا به.
تسعة مبادئ وأسس لحل الأزمة
وطرح إسماعيل هنية تسعة نقاط في خطبته يرى من خلالها الحل لما يعيشه الشعب الفلسطيني من أزمات:
أولا: الالتزام باتفاق مكة المكرمة واتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني.
ثانيا: وحدة الضفة والقطاع ولا فصل بينهما بتاتا.
ثالثا: وحدة النظام السياسي الفلسطيني، ولا نريد أبدا أن نقيم دولة في غزة منفصلة عن بقية فلسطين، فبالرغم من عظم مكانة غزة في فلسطين والتاريخ فلن نقيم عليها كيانا منفصلا عن بقية الأرض لكننا سندير القطاع بكل أمانة ونزاهة وشرف ومسئولية حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق.
رابعا: احترام الشرعية الفلسطينية متمثلة في رئاسة السلطة والمجلس التشريعي وحكومة الوحدة الوطنية التي تأسست على اتفاق مكة المكرمة.
خامسا: احترام القانون الفلسطيني وعدم الخروج عليه أو على بعض مواده.
سادسا: إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أسس الوطنية والمهنية بحيث تكون خاضعة للحكومة والسلطة دون تدخل من هذا الطرف أو ذاك.
سابعا: تأسيس وإقامة حكومة وحدة وطنية مركزية قوية للضفة وغزة.
ثامنا: احترام الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني.
تاسعا: العمل على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ممثلا لكل الشعب الفلسطيني حتى تشارك كل القوى الإسلامية الحية التي هي خارج إطاره.



معاني العيد وشهداء فلسطين
ولم يفت رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن يذكر جماهير الشعب التي احتشدت في هذه المناسبة بقيم التغافر والتصافح ومعاني العفو والحب، فلنتغافر ولنتصافح تحت ظلال فلسطين رغم الجراحات والآلام التي يجب أن نترفع عليها حتى يستعيد الشعب الفلسطيني صورته المشرقة في الاتحاد والقوة والصفح.
ودعا كل أبناء الشعب أن يزوروا بيوت الشهداء لاستحضار فضلهم ومكانتهم، كما أكد على ضرورة الإفراج عن كافة أبناء الشعب الذين يرزحون في سجون السلطة في الضفة الغربية، ووجوب إعادة اللحمة بين الضفة وغزة، وناشد أبناء الأمة العربية والإسلامية ألا يتخلوا عن قضية فلسطين ويقدموا كل العون والمساعدة لهم وخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار ظالم؛ لأن قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وإنما قضية الأمة العربية والإسلامية جمعاء.

ليست هناك تعليقات: