الاثنين، 14 يوليو 2008

دكتور زكريا حسين والقضية الفلسطينية


دكتور زكريا حسين والقضية الفلسطينية
بقلم/وصفي عاشور أبو زيد : بتاريخ 21 - 7 - 2005
صدر مؤخرا عن دار الهلال كتاب: "القضية الفلسطينية إلى أين؟ المواجهة العربية ـ الإسرائيلية بين الحرب والسلام عبر أكثر من نصف قرن"، لسيادة اللواء أركان حرب د. زكريا حسين، ويعتبر صدور هذا الكتاب حدثا هاما في هذا التوقيت؛ حيث يقدم الكتاب عرضا شاملا للأحداث الفلسطينية منذ التخطيط الصهيوني لاغتصاب فلسطين والاستيطان اليهودي وتصريح بلفور عام 1917م، وما سبقه من تخطيط عالمي في مؤتمر "بازل" في سويسرا عام 1897م مرورا بالجولات المسلحة 1948م، و1956م، 1967م، و1973م، واستعرض استراتيجيات السلام، بداية من مبادرة الرئيس السادات 1977م، ثم مدريد وأوسلو، وما تلا ذلك، إلى طرح شارون صيغة الانسحاب أحادي الجانب من غزة بمبادرة ضمانات أمريكية في 14 إبريل 2004م فيما عرف بـ "وعد بوش"، كما عرج على آثار تغيير القيادة الفلسطينية بوفاة الرئيس عرفات، إلى قمة شرم الشيخ الرباعية التي عقدت في 9/2/2005م.وترجع أهمية هذا الكتاب لسببين رئيسين:الأول: أن مؤلفه هو الدكتور زكريا حسين، المفكر الاستراتيجي البارز، صاحب المؤلفات العلمية العسكرية والسياسية والاستراتيجية القيمة التي تثير دائما اهتمام الباحثين، وتحوز عناية الأوساط العلمية، ومن أهم مؤلفاته غير هذا الكتاب: كتاب السياسة العسكرية المصرية في التسعينات، وكتاب مكتبات التكنولوجيا وتنمية القوة المسلحة، وكتاب العرب إلى أين، وكتاب الترسانة النووية الإسرائيلية.وشارك الدكتور زكريا حسين بمقالات رصينة في كثير من المجلات والصحف الإقليمية، كما شغل عددا من المناصب المرموقة مثل: مدير كلية الحرب العليا، ومدير أكاديمية ناصر العليا، ورئيس هيئة البحوث العسكرية، وكان عضو مباحثات السلام لصياغة معاهدة السلام المصرية والإسرائيلية، ومقرر اللجنة المشتركة لاستلام سيناء طبقا للمعاهدة، إضافة إلى تقلده أرفع الأوسمة والنياشين في الدولة.والسبب الثاني: يرجع إلى طبيعة المادة التي احتوى عليها الكتاب الذي يقع في 330 صفحة، ويطرح تصورا لخلاصة فكر الصفوة المثقفة العربية والفلسطينية لكيفية صياغة استرتيجية مضادة للمواجهة العربية للتعامل مع الاستراتيجية الإسرائيلية بعد أن اتضحت معالمها بما لا يقبل الخلاف.وتميز الكتاب بعرضه الشامل للمخطط الصهيوني العالمي لاغتصاب فلسطين من خلال عرض أهم الوثائق التي تدلل على ما أعدته المنظمة الصهيونية لليهود في فلسطين والدور الذي لعبه وايزمان في إقامة وطن لليهود بضغطه على الحكومة البريطانية، وإيهامها أن وجود اليهود في فلسطين يصب في مصلحة بريطانيا، كما أورد وثائق أخرى عن جولات الصراع المسلح سالفة الذكر، وتناول بالتحليل الحديث عن منظمة التحرير الفلسطينية وتحولها نحو السلام، كما تعرض للانتفاضة الفلسطينية، وركز على استراتيجية التفاوض بين حزبي العمل والليكود، وذكر أوجه الاختلاف والاتفاق بينهما، وذكر بالتحليل المعادلات والمقترحات والأفكار الإقليمية والدولية التي طرحت إحياء مسيرة السلام والموقف الإسرائيلي منها.ومن أهم ما في الكتاب ـ إضافة لدعم كلامه بالوثائق التاريخية ـ التساؤلات التي طرحها في نهاية الكتاب، مثل: هل إسرائيل جادة في السلام مع العرب، وإلى متى سيظل خيار السلام هو الخيار الاستراتيجي الوحيد للعرب، لا سيما في ظل تبني أميركا للقوة وفرض السيطرة العسكرية، وحاول الإجابة عليها، كما لا يقل أهمية عن ذلك إيراده بعد ذلك خلاصةً لفكر الصفوة المثقفة العربية والفلسطينية لكيفية إيقاف هذا النفيذ المتسارع للمخطط الشاروني المدعم أمريكيا لتصفية القضية الفلسطينية، وإعادة صياغة الشرق الأوسط بما يضمن الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية على مقدراته.والكتاب يعتبر أول كتاب عربي يطرح تسجيلا وثائقيا موسوعيا لقضية الصراع العربي الإسرائيلي مما لا غنى عنه لأي متابع أو مهتم أو باحث في القضية الفلسطينية، وتحية لسيادة اللواء أ. ح. د. زكريا حسين على هذا الجهد، وغيره من الجهود المشكورة.

ليست هناك تعليقات: